|
الجزيرة - وهيب الوهيبي:
قال معالي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى وزير العدل بمناسبة عودة خادم الحرمين الشريفين: إنني أحمد الله عزَّ وجلَّ على شفاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وعودته إلى أرض الوطن سالماً معافىً، ليواصلَ المسيرة المباركة على الخطى الموفقة التي شهدها وحفل بها عهده الميمون، خدمة لدينه ووطنه، وهو الحريص -أيده الله- منذ توليه مهام الأمور في المملكة، على أن يضطلع بمسؤولياته على أكمل وجه، وفق خيار صعب لم يرتض فيه إلا أن يكون في ركب وجوه الأمة، وزعمائها الكبار، وهو ما سجله التاريخ لخادم الحرمين الشريفين في صفحاتٍ مضيئة، دائمة التحديث: بالعزيمة، والإرادة الصلبة، والعمل الدؤوب، تترجمها على أرض الواقع شواهدُ ماثلة، تحكي إخلاص وعطاء القائد على كافة الأصعدة والمستويات في الداخل والخارج، محفوفاً بالعون والتسديد من مولاه جلَّ وعلا، وبالمحبة والدعاء والتأييد من أبناء شعبه الوفي، يجلل ذلك كله اعتزازه بدينه وثوابت دولته، ورفعه لراية العدل وهو القائل لمواطنيه: «من حقكم عليَّ أن أضرب بالعدل هامة الجور والظلم».
وأكد الوزير العيسى أن مرفق العدالة شَهد في عهد خادم الحرمين الشَّريفين نقلة نوعية في الأنظمة والإجراءات، ودعم المنشآت والتجهيزات والبنية التحتية، ولاسيما حوسبة القضاء والتوثيق، مع التأهيل والتدريب، وحلقات النقاش، وضخ آلاف الوظائف من أعلى درجات السلك القضائي التي تضاهي سدة وظائف الدولة إلى ما دونها، ومثلها في درجات السلك الإداري المساند وبالأخص أعوان القضاة، مشمولة جميعاً بمشروعه التاريخي لتطوير مرفق القضاء، الذي أدخل للنظام القضائي في المملكة صياغة عصرية، لا تمس الثوابت التي قام عليها قضاؤنا العادل في تحكيمه للشريعة الإسلامية في نطاق المادة الموضوعية، بل انصبت على المادة التنظيمية والإجرائية بدعم مادي ومعنوي كبيرين، يتعاهده -أيده الله- في كل وقت بالإشراف والمتابعة، ولم يكن هذا الأمر بمستغرب على قائمة «أجندة» خادم الحرمين الشريفين، وهو رجل العدالة الأول في هذه البلاد، ومن قال: «سأضربُ بسيف العَدْل هامة الظلم والجور»، وفي القضاء كثيراً ما يوجهنا -حفظه الله- بالعدالة الناجزة، ولم نرَهُ يسأم، ويضجر، ويعتب، ويحاسب، مثلما يرى تأخراً في العمل القضائي.
ولفت معاليه إلى أن العهد الميمون شهد تحولاً في الخدمات العدلية يليق بما يحمله مرفقها الحيوي من رسالة عظيمة، عمادها الاعتزاز بهويتها، وذراعها كفاءة رجالها، حيث عملت الوزارة من خلال المشروع الرائد لخادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء خلال السنتين الماضيتين على تهيئة بيئة العمل في المحكمة العليا، وفتحت بعض محاكم الاستئناف، كما عملت على خطين متوازيين فيما يتعلق بالمباني والتجهيزات بعد إجراء الدراسات المسحية الشاملة التي يتطلب إتقان العمل أن تأخذ نصيبها من الوقت، فالوزارة لا تصدر قرارات، ثم تعهد بها لغيرها، بل تتحمل أعباء شاقة، تبدأ بالتصور، ومسح البيئة العدلية من خلال الاستطلاعات الميدانية، ومن ثم رصد الاحتياج، ودراسته، ورسم آلية تنفيذه، مع الاستعانة في هذا بالخبراء والمختصين لاستجلاء أفضل النماذج العالمية، واعتماد خيارها.
والخط الأول للمباني والتجهيزات يتركز على المرحلة الانتقالية باستئجار مقارها المناسبة، وإنهاء أي مقرّ لا يليق بالمرفق العدلي، أما الثاني فيتعلق بمرحلة التأسيس بالبناء، وقد أنهى مشروع خادم الحرمين الشريفين إجراءات العديد من المباني ناهزت السبعين مبنى، ولا نزال في طور استكمال الحصول على الأراضي حيث الشح في الأراضي الحكومية، في بعض المدن والمحافظات، وفي كلٍّ جعلنا من البنية التحتية التقنية ركناً أساساً في التطوير والتحديث، وكانت بوابة الوزارة الإلكترونية -حديثة الإنشاء- حافلة بالإسناد الخدمي، مع أمل باعتماد التوقيع الإلكتروني من جهته المختصة لنستطيع من خلاله تفعيل العديد من خدماتنا العدلية بصورة تضارع أفضل ما توصلت إليه حوسبة القطاعات العدلية، ومن بواكير منجز مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير المرفق تسجيل صحائف الدعوى عن طريق هذه البوابة، والحُصول على العديد من الخدمات والمعلومات المطلوبة بيسر وسهولة، وإعادة النظر في العديد من إجراءات كتابات العدل، شمل ذلك اختزال الخطوات التوثيقية من خمس في بعض الإجراءات إلى خطوتين، مع إيجاد الضمانة التوثيقية، وكان لسهولة الإجراءات، وسرعة الوقت أثر كبير، تم تسجيله عالمياً لهذا المشروع الرائد، فقد تبوأت الوزارة موقع الصدارة الدولية في سرعة نقل الملكية العقارية لتأتي في المرتبة الأولى من بين 183دولة، كما اهتم مشروعه -أيده الله- بالتدوير الوظيفي في كتابات العدل، وتعيين 170 كاتب عدل في سنة واحدة، وشغل العديد من الوظائف، حيث أنهى المشروع شغل حوالي 1500 وظيفة إدارية في ظرف تسعة أشهر، والباقي يأتي تباعاً إن شاء الله.
وحرص المشروع الميمون على العناية بالجانب ا لعلمي من خلال نشر الثقافة العدلية، وتفعيل الاتفاقيات القضائية، وتبادل الزيارات والحوارات والنقاشات ذات الصلة، وسعدت الوزارة باستضافة العديد من الوفود الحقوقية التي استطلعت عمّا لديها من أسئلة عالقة، وكانت النتائج بفضل الله متميزة وتخدم المصلحة، وانتهجت الوزارة عالمية الخطاب العدلي مع اعتزازها بثوابتها ومسلماتها التي يجري التأكيد عليها في كل مناسبة، ونراها الركن الركين في بناء هذه المؤسسة التاريخية بمدها العدلي المتواصل ببركة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وما منَّ الله به علينا من كفاءة حملتها من قضاتنا وكتاب عدلنا.
وأشار وزير العدل: نعلمُ حجم المسؤولية الملقاة على عاتق هذا الطموح الكبير، وبخاصّة أن لدينا أكثرَ من 478 مرفقاً عَدْليّاً، لندرك -في سياق المُحَفزِّات- أنَّ الأمانة عظيمة وفي العُهدة والمَسْؤوليَّة، وأن همّة خادم الحرمين الشريفين لا حدودَ لها، وقد علَّمنا -أيَّده اللهُ- أنَّ حياةَ الإنسان مشغولة على الدَّوام، وأن قدرَ الرجال رهن بما قدموا وأخلصوا، وأن عمل الدولة يعتذر كل من لم يكن على مستوى المسؤولية، وأن مصلحة الوطن والمواطن لا تقبل المساومة أو التراخي أو التقاعس، وأنها فوق كل الاعتبارات، هذا ما تعلمناه منه -أيده الله-، وخادم الحرمين الشريفين يُتبع القول العمل، ويكره الوعود المجردة ما لم تكن بين يديها أعمال على أرض الواقع، يلمسها المواطن حقيقة، ومن وحي ما نتلقى عنه -أجزل الله مثوبته- فإن غالب حديثه، وما يشغل همه هو المواطن، وعندما يتحدث عنه تستشف من كلماته حجم استشعاره للمسؤولية، وماذا يعني المواطن في حساباته القيادية، وما يحتله في وجدانه من قيمة، وما يحظى به من اهتمام، فضلاً عما تحمله مضامين كلماته الضافية من رسائل قوية وواضحة لكل مسؤول، هذه أمور في الذمة لا نزايد فيها على أي عَرَض، في مشهد وطني يحكي وصفه الحقيقي كل من عرف خادم الحرمين الشريفين حق المعرفة.