توصّل بعض الباحثين العرب والمسلمين إلى أن عدد الإسرائيليات في تفسير الطبري من أوله إلى نهاية سورة الإسراء بلغ (1132) رواية تقريباً، منها: عدد الروايات التي توافق شرعنا (36) رواية، عدد الروايات الباطلة التي تخالف شرعنا (222)، عدد الروايات التي سكت عنها الشرع (874) رواية. وكثير من الإسرائيليات مروية بأسانيد ضعيفة. (المصدر: الروايات الإسرائيلية في تفسير الطبري ل «أحمد نجيب»).
وفي دراسة أخرى - بحسب كتاب (مسخ الصورة سرقة وتحريف تراث الأمة) - وُجِد أن ما يزيد على (2500) نص في تفسير الطبري للقرآن الكريم من الإسرائيليات والخرافات والأساطير اليهودية الأولى. وتعد الباحثة الدكتورة آمال ربيع، مدرسة اللغة العبرية في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، الوحيدة التي تناولت الإسرائيليات في جميع سور القرآن الكريم؛ وبالتالي نجحت في رد ما يزيد على 90 % من الإسرائيليات، التي وردت في تفسير الطبري البالغ عدد مجلداته 16 مجلداً، إلى أصولها التي وردت نصاً في تفاسير التوراة المكتوبة باللغة العبرية القديمة. وقد استغرق عملها نحو عامين هما عمر رسالة الدكتوراه. والسبب في التركيز على تفسير الإمام الطبري أنه أكثر كتب التفاسير القرآنية تداولاً في أيدي المسلمين، بجانب أن الطبري كتب تاريخ الملوك والممالك، ويغلب على تفاسيره وكتبه صفة المؤرِّخ؛ فغلب عليه التأريخ في كتاباته، ولأن أكثر الإسرائيليات المدسوسة هي في القصص وتاريخ الأنبياء وقصة نشوء الخلق وخلق آدم وحواء.
هذا التحريف الثابت عن اليهود، وقد حذّر القرآن الكريم في مواضع عدة منهم {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} آل عمران 71، أو النساء 46، المائدة 15. وسور أو آيات عدة أكدت جريمة التحريف أو كتم الحق وإخفائه.
وعن الروايات الإسرائيلية في بعض كتب التفاسير تطرق العلماء وحذروا ونوهوا، فهل ما ينقصنا التطرق والتحذير أو التنويه فقط في حين أن الخطر ما زال قائماً، والإسرائيليات انتقلت من تفسير الطبري إلى مؤلَّفات جمّة وكتب عدة، وليس هناك جهد مؤسسي يحمي عقائد المسلمين من تلك الإسرائيليات المكذوبة على النبي وصحابته، في حين يشتغل رجال الحسبة على صغائر الأمور ويتتبعون الهفوات مهملين ثوابت الدين العرضة للتقويض؟..
من أهداف دس تلك المرويات هيمنة الفكر اليهودي على الأديان كلها، والدين الإسلامي تحديداً، وما من حركة جادة لحماية ذلك الدين وتنقيته.
بل إن الدكتورة آمال ربيع ذكرت في معرض لقاء معها في جريدة البيان الإماراتية أنها تلقت عرضاً من إسرائيل بشراء دراستها حول إسرائيليات الطبري بأي ثمن لطباعتها لجميع لغات العالم، قد رفضت الطلب والمبدأ من أساسه، إلا أن المتصل واصل زيادة المبلغ المعروض ثمناً للدراسة، حتى وصل إلى ما يزيد على مليون جنيه مصري، ولكي تتخلص من إلحاحه أخبرته بأن الأزهر هو من كلفها بإعداد هذه الدراسة، وأنها سلمتها إليه لطباعتها ونشرها!!
مليون جنيه عرض مُغرٍ جداً، بيد أنه لم يُغرِ الدكتورة، وما ذاك إلا لأنها تخشى من استشراء الجرم في حق الدين الإسلامي، وأن رسالتها في تنقية الدين من المؤامرات الإسرائيلية نزيهة، ديدنها الغيرة التي قلما نتحسسها لدى علماء دين يباهون بانتسابهم إلى دين سماوي لم يخلصوا له الإخلاص الحق؛ وبالتالي يرتقون في اشتغالهم بما يُشكّل خطراً على الأمة اشتغالاً جمعياً مؤسساتياً نزيهاً، لا اشتغالاً سطحوياً فردياً عشوائياً فوضوياً غير موجَّه على الإطلاق.
حُراس الفكر والفضيلة لهم مواصفات ومزايا، وعليهم واجبات ومسؤوليات جِسام عميقة غائرة في العمق، وليس تتبع الصغائر أو الأمور الفردية؛ وبالتالي إثارة البلبلة حولها؛ فينشغل الرأي العام بالتوافه عن الأساس.
P.O.Box: 10919 - Dammam 31443