على الرغم من كثرة العويل والوعيد، والتهويل والتضخيم، والتحفيز والتشجيع، والتنظيم والترتيب، والترحيب والتهليل، الذي سبق ما سمي بثورة حنين، إلا أن النتائج -ولله الحمد- جاءت كما كان متوقعاً مخيبةً لآمال الداعين لها، محبطةً لتطلعات المهووسين بإثارتها، الفرحين بما سوف يترتب عليها من فوضى، صافعةً بشدة تلك الوجوه النكرة التي تطمح أن يتزعزع أمن هذه البلاد واستقرارها، صادمةً لتوقعات محبي الفتن والقلاقل المحرضين على سفك الدماء وتدمير الممتلكات والمكتسبات. لقد قال المواطنون لدعاة الفتنة بكل صراحة ووضوح: الخب لا يخدعنا، نحن أفطن وأعقل وأعظم من أن يدفعنا مخادع يتدثر بعباءة الإصلاح وهو من دعاة الفساد والإفساد، لئيم مغرض حاقد، عتل تحركه نوازع نفسية مريضة، حتى وصل به الحقد واللؤم إلى الإرتماء في أحضان أعداء يناصبون بلادنا العداوة والبغضاء عبر قناة العالم وأخواتها التي تبث سمومها صباح مساء على هذه البلاد وأهلها. لقد تعاضد أعوان الشيطان في الخارج على دفع الشباب إلى الخروج على ما أجمع عليه الناس ورضوا به وتوافقوا عليه. لقد ثبت أن المحرضين على هذه الدعوة المرفوضة أناس تحركهم نوازع الحقد والكراهية، لهذا لم يكن هذا الموقف الرافض لهم، الساخر منهم، مفاجئاً ولا مستغرباً، فقد كان هناك إجماع على أن هذه الدعوات سوف تبوء بالفشل، وسوف تعود على الداعين لها بالخيبة والحسرة، بل وسوف تكشف أن لا مكان لهم ولا لدعواتهم بين أبناء المملكة الأوفياء لدينهم ووطنهم وولاة أمرهم، لن تجد آذاناً صاغية، ولا وجدانات متعاطفة. لقد ثبت أن أبناء المملكة في كل شبر على أرضها الطاهرة أعظم وأعقل من أن ينساقوا وراء نزوات سفهاء مرضى مهما كانت دعاواهم وحججهم.
لقد اندحر دعاة الفتنة لأسباب كثيرة، يأتي في مقدمتها الإيمان الصادق الذي يعمر القلوب برفض الخروج وإثارة الفوضى، موقف ثابت، وقناعة راسخة أساسها تقوى الله ومخافته، والمعرفة التامة بما يترتب على هذا الخروج من آلام ومفاسد ومهالك وشرور تطال الحرث والنسل، وتحرق الأخضر واليابس، وتخلف وراءها الكثير من الدمار والخراب.
ثانياً المواطنون يعلمون علم اليقين أن وراء هذه الدعوة الشريرة أيد خارجية، معادية للمملكة كارهة لها، حاقدة على أهلها، وقد شهد بذلك وأعلنه الراصدون والمتابعون لأقنية المعلومات من خارج المملكة، حيث تبين بعد التقصي أن المروجين لهذه الحملة الداعمين لها المشجعين عليها المتطلعين إلى تحقيقها، هم في العراق، وسعد الفقيه الذي أضحى في حال مزرية، حال تثير الشفقة، والوجه الآخر له المتوافق معه، الكريه المسعري، الذي سخر نفسه لسب علماء المملكة والسخرية منهم في القنوات الفضائية المخالفة، وهو بهذا الخروج المشين أثبت أنه أتفه من أن يُلتفت له أو يُسمع قوله، وشخص مصري وآخر إيراني، وسادس لم يحدد مكانه، هؤلاء هم دعاة الضلال، هم دعاة الفتنة، هم الذين يسوؤهم أن يروا المملكة هانئة مطمئنة، أن يروا أهلها متاحبين متعاضدين ملتفين حول قادتهم وولاة أمرهم، وشرذمة قليلة متقلبة المزاج، تعاني من اضطرابات نفسية، يعدون أنفسهم دعاة إصلاح وتغيير، بينما واقع حالهم يكشف أنهم يعانون من هواجس الاضطهاد وحب الظهور، يسعون بين الناس لتفريق شملهم كي يشعلوا نار الفتنة والفرقة، ففي هذه الأجواء المشحونة، وفي هذه البيئات الفوضوية المضطربة يجدون لذتهم، ويشعرون براحتهم، ويشبعون ساديتهم التي تأنس وتطرب لمناظر الدم والقتل.
من الثابت أن دعاة الخروج لا يعرفون سمات أبناء المملكة، وخصائصهم النفسية، وقيمهم المجتمعية التي لا تتوافق ولا تنسجم مع المظاهر السلوكية التي تتسم بها المظاهرات وما يردد فيها من عبارات وشعارات، ليس لأنه لا يوجد في الحياة الاجتماعية في المملكة ما يدعو لذلك، أبداً فالمجتمع السعودي كأي مجتمع بشري لا يخلو البتة من أوجه نقص، ومظاهر فساد، هذه الأمور من السنن الكونية الملازمة للإنسان، لكن الفرق بين ما يروج له دعاة الخروج ويدعون إليه، وبين ما يراه المواطنون هنا ويؤمنون به، هو في كيفية مواجهة أوجه النقص، والتعامل معها والتصدي لها ومحاربتها بما يكفل معالجتها، لكن دون أن يترتب على ذلك مفاسد ومخاطر وزعزعة للأمن والاستقرار، من إثارة الفوضى والتخريب والعصيان، وسفك الدماء وترويع الآمنين، واعتداء على الأنفس الآمنة والممتلكات.
تحية من الأعماق، تحية إشادة وتقدير وإجلال لعلماء المملكة، حيث كان لموقفهم الصارم ضد مثيري الفتن والفوضى والخروج، عظيم الأثر في تماسك المجتمع واستقراره.