تشهد المملكة العربية السعودية نهضة غير مسبوقة في مجالات البناء الحضاري وتنمية الإنسان، ولعل المتابع لما يجري بالمملكة يلحظ النقلة النوعية في كثير من جوانب الحياة.للإعلام والتعليم العالي والصحة نصيب مقدر في هذه النقلة وتحظى باهتمام الدولة ودعم غير محدود.
فالإنفاق على هذه المرافق بلغ حداً ينافس فيه معدلات الإنفاق في بعض الدول المتقدمة ولابد أن ذلك سينعكس إيجاباً على حياة الناس إذا أحسنا إدارة هذه الموارد العظيمة.
يلعب الإعلام بكل وسائله في عالم اليوم دوراً متعاظماً في تشكيل حياة الناس فالإعلام من أهم الوسائط في تشكيل الرؤى ونشر الوعي وغرس القيم الفاضلة ولوسائل الإعلام قدرة غير عادية على صياغة النماذج السلوكية الجيدة. وللإعلام الصحي وضع مميز في وسائل الإعلام ذلك أن المادة الصحية مادة جذابة ولذا تحظى البرامج والكتابات الصحية بقبول وإقبال كبيرين من المشاهدين والقارئين والمستمعين.
أنشئ كرسي «الجزيرة» للإعلام الصحي بموجب اتفاقية عقدتها جامعة الدمام مع صحيفة «الجزيرة» كأول كرسي بحثي في مجال الإعلام الصحي بالمملكة وذلك للمساهمة في تحقيق أهداف الجامعة. وتجاوباً مع هذا الفهم أقامت صحيفة «الجزيرة» الغراء بمبادرة كريمة ودعم سخي لتأسيس كرسي «الجزيرة» للإعلام الصحي بجامعة الدمام ليكون مثالاً لشراكة فاعلة بين الإعلام والتعليم والصحة.
تنطلق كراسي البحث العلمي بجامعة الدمام - وكرسي «الجزيرة» للإعلام الصحي التوعوي أحدها عن رؤية ورسالة وأهداف الجامعة في خدمة العلم والمجتمع ويعد إطلاق كراسي البحث بجامعة الدمام من الوسائل المهمة لتطوير البحث العلمي والاستخدام الأمثل للكفاءات العلمية وتوفير الإمكانات اللازمة للقيام بأبحاث متميزة. ونأمل من خلال برنامج كراسي البحث السعي وراء تحقيق مكانة متميزة للجامعة والمملكة في البحث والتطوير بما يسهم في التنمية الوطنية في كافة أبعادها ويلبي رؤية القيادة ويخدم احتياجات المجتمع في عصرنا المعرفي. ولدى الجامعة أهداف تجاه برامج الكراسي العلمية نأمل من خلاله تنمية جيل من الباحثين في مختلف مجالات البحث لا سيما في مجال الأبحاث الطبية والصحية ذات الصلة بأوضاع المملكة.
لقد أصبح التنافس الدولي في ميدان البحث والتطوير على أشده مع مقتضيات العولمة والحاجة إلى القدرة التنافسية في جميع المجالات، فأنشأت كذا برنامجاً طموحاً لكراسي البحث تسعى من خلاله إلى بلوغ إحدى المراتب الخمس الأولى في العالم بحلول عام 2010م. كما عدلت فرنسا برنامجها لكراسي البحث مستفيدة من التجربة الكندية، وأقرت اليابان سنة 1987م برنامج كراسي البحث للمحافظة على مركزها الثاني خلف الولايات المتحدة وبدأت دول أخرى مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية وماليزيا برامج بحوث تهدف من خلالها إلى المشاركة في الإنتاج البحثي العالمي.
ورغم أن طبيعة الكراسي العلمية بالجامعة هي طبيعة بحثية لكنها بالنسبة لكرسي «الجزيرة» للإعلام الصحي تتضمن بعداً آخر توعوياً ولذا جاءت تسمية الكرسي (للإعلام الصحي التوعوي).
إذن من صميم أهداف كرسي «الجزيرة» للإعلام الصحي التوعوي رفع الوعي لدى المتلقين في وسائل الإعلام ولا يتم ذلك إلا بتوفير المعلومة المبنية على البرهان العلمي وذلك ما ستقدمه الأبحاث في كرسي «الجزيرة» للإعلام الصحي التوعوي. ومن أهداف الكرسي توفير قاعدة معلومات صحية صحيحة علمياً تستفيد منها وسائل الإعلام. ومن أولويات الأبحاث في كرسي «الجزيرة» للإعلام الصحي التوعوي ستكون موجهة لتطوير وتحسين السياسات والإستراتيجيات والتخطيط والتقييم لبرامج التثقيف الصحي وزيادة فعاليتها.
يرتبط الإعلام الصحي بعلوم عديدة تحتضنها الجامعات منها على سبيل المثال علوم التغذية والاجتماع والتربية وغيرها وسيستفيد كرسي الإعلام الصحي من المختصين من كليات جامعة الدمام كل في مجاله لتكتمل الفائدة وقد وجهت الدعوة لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة للإسهام بالكتابة في هذا العمود حتى يكون مرجعاً علمياً في توعية القراء. لن تقتصر نشاطات الكرسي على هذا ولكن هناك العديد من الأنشطة منها على سبيل المثال لا الحصر إقامة ورش العمل لتدريب العاملين في الإعلام والصحة على المعارف والمهارات اللازمة في مجال الإعلام الصحي التوعوي وفي مجال ضوابط وأخلاقيات الممارسة في الإعلام الصحي التوعوي. ومنها عقد الندوات التوعوية الدورية والتي سنستقطب لها الخبراء والمختصين من داخل وخارج المملكة.
لقد بدأت جامعة الدمام من خلال كرسي الإعلام الصحي التوعوي في تأسيس علاقات بالمؤسسات الدولية والجامعات الأجنبية لاستكمال رسالة الكرسي وحصلت الجامعة على عضوية الاتحاد الدولي لتعزيز الصحة والتثقيف الصحي. وحسب الأعراف في كراسي البحث فللكرسي أستاذ متخصص من جامعة مرموقة خارج المملكة سيقوم بزيارة المملكة والجامعة للإسهام في نشاطات الكرسي من وقت لآخر.
إن كرسي «الجزيرة» للإعلام الصحي فرصة لصحيفة «الجزيرة» وجامعة الدمام لتحقيق هدف مشترك هو خدمة المجتمع ونسأل الله أن يكون هذا التواصل المبارك بين الصحيفة والجامعة موفقاً وفاعلاً لفائدة الطرفين وبداية لتعاون أكبر في المستقبل والله ولي التوفيق.
مدير جامعة الدمام