مؤشر تصنيف الموطن العربي الأقل كرامة أو الأكثر بهذلة في بلده أولا والخارج تاليا، مقترح أرجو أن تأخذه أحد مراكز الأبحاث العربية المستقلة -إن وجدت-، أو أحد المراكز الدولية!
الفكرة تأتي من ملاحظة أن احترام الإنسان العربي وكرامته ناقصة في وطنه، بل هي مشوهة وممسوخة. وبمجرد النظر إلى الصفوف الطويلة التي تنتظر فيزة الهجرة للغرب والشرق، أو قوارب الموات وتجارة البشر، أو حتى الخوف والإصابة بالارتعاش والتعرق أمام موظف خدمة عامة، ستظهر حيثيات هذا المؤشر.
إذلال الإنسان العربي وفقده لقيمة الحياة ولحقوقه جانب لا بد من أخذه في قمة الاعتبارات والمؤشرات الراهنة والمستقبلية، حيث تسول التعليم والصحة والعمل والحقوق العامة والحريات، غياب مجتمع القانون والمدنية الذي يحفظ للإنسان قيمته واعتباره.
لو وجد تصنيف للدول العربية بحسب قيمة المواطن واحترامه أو إهانته سنجد أن الدول التي صنفت في رأس قائمة إهانة المواطن الإنسان الغلبان ووضع كرامته وحقوقه في إهمال تام، وسلطت عليه أجهزتها ومخالبها القمعية، أو حتى فلسفة أيدلوجية شرسة لقمع حرياته، سنجد أن هذه الدول هي الأسرع سقوطا، الأسرع اهتزازا وهشاشة، والأسرع في تخلي مواطنيها عن نظامها، خروجا إلى تأكيد شرعية الشارع مقابل دساتير صممت للأبدية والقمع، لسلطة إيدلوجية (ما) متفردة في تفسيراتها السياسية والاجتماعية.
حيث يمكن تطبيق «مؤشر» احترام وكرامة الإنسان في وطنه، وخارجه - مثلاً - هل جوازه مرحب به عربيا وعالميا، كمعايير لنجاح الثورات العربية ونجاحها.
كيف سيحرص أي نظام على مواطنيه ويحميهم من البهذلة والاستخفاف؟
كيف يخلق قيمة لموطنه ولجنسيته كما يحدث لحامل الجواز الغربي ومواطن الاتحاد الأوروبي، الأكثر كرامة والأقل بهذلة مقارنة بحامل جواز دولة عضو بالجامعة العربية؟!
المشهد من مصر، تونس، ليبيا، اليمن ثم سوريا، سيجعلنا نفهم كيف أصبح المواطن المبهذل ساخطا غاضبا يطالب برحيل أنظمة تسببت في مسخ إنسانيته.
والآن بعد أن نزع أنزيم الخوف بلا رجعة، أصبح المواطن العربي يطالب بالقصاص من نظام تسبب في سحق إنسانيته وكرامته، وهو يعلن في الشارع أنه يريد سقوط نظام البهذلة وزعيمه في بلاده.
لكن عودا على «المؤشر» المقترح، هل يعني انتهاء عصر محاصرة وبهذلة المواطن العربي؟
شخصيا أعتقد أن التوقع بذلك سيكون فيه من البساطة الكثير.
لكن بقاء مؤشر حقوق الإنسان العربي حتى أثناء وبعد ثورات الشارع العربي، سيكون مفيداً للوصول إلى إجابة واثقة حول إن كنا نشهد نهاية حقبة طويلة من بهذلة المواطن العربي، أما أنه سيدخل في مرحلة وصيغة جديدة من البهذلة... والله أعلم.
إلى لقاء.