من الأخبار السارة التي سمعتها خلال هذا الأسبوع تصريح من وزارة الصحة حول تضاؤل انتشار مرض الإيدز في المملكة. حيث انخفضت نسبته إلى 9% عن العام الماضي. كما أن نسبة إصابة الأطفال حديثي الولادة بالإيدز وانتقال العدوى إليهم متدنية جداً ولله الحمد. ويشكِّل مرض الإيدز معضلة عالمية كونه أكثر الأمراض فتكاً بجسم الإنسان وانتشاراً في العالم؛ حيث إن هذا الفيروس يدخل في جهاز المناعة في الجسم ويعطله فيفقد الإنسان قدرته على مقاومة الجراثيم المعدية مما يؤدي إلى إصابات مميتة، وحدوث بعض أنواع من مرض السرطان.
وبرغم تزايد حالات الإصابة بالإيدز في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وارتفاع عدد الإصابات عام 2006م إلى ضعف الحالات المبلَّغ عنها في عام 2001 م، وارتفاع عدد الوفيات إلى ثلاثة أضعاف عام 2009م عن عددها المبلَّغ عنه في عام 2001م؛ إلا أن معدلات الإصابة بالعدوى بين سكان دول مجلس التعاون تعد هي الأقل بين دول المنطقة، فهي تتراوح ما بين 1 إلى 2 لكل مائة ألف نسمة، كما أن سرعته هي الأبطأ انتشاراً رغم ما تشير له العديد من الدلائل العالمية بتنامي هذا الوباء وانتشاره سريعاً بين الفئات المعرضة للخطر والتي تختلف من دولة لأخرى، وهو ما يمثل تحدياً اقتصادياً وصحياً واجتماعياً وتنموياً.
ولعلي أعزو انخفاض الإصابة بالمرض لعدة أسباب أولها: الحملة الإعلامية التوعوية بخطورته سواء باللوحات الدعائية في الشوارع أو من خلال التلفزيون والصحف وكذلك المسلسلات التلفزيونية، حيث كان المرض سابقاً من المسكوت عنه بعدم التطرق للحديث حوله بسبب الاعتقاد أن حصوله لا يأتي إلا نتيجة الانحراف الأخلاقي فقط، في حين تبيّن إمكانية انتقاله عن طريق نقل الدم من شخص مصاب به بعلمه أو بدون لشخص مريض بحاجة للدم، وكذلك عن طريق الأدوات الجراحية الحادة أو الأدوات الملوثة كشفرات الحلاقة، عدا عن انتقاله من خلال تعاطي المخدرات بالحقن. أما السبب الثاني فهو الانهيار الاقتصادي الذي حدَّ من سفر بعض الشباب إلى البلاد التي تنتشر فيها الفاحشة وتنعدم فيها الأخلاق، ورب ضارة نافعة!! إضافة إلى الاهتمام العالمي عبر المؤسسات الصحية والأممية كمنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة بهذا المرض الفتاك الذي أرَّق مضاجع المجتمع البشري ودفعهم إلى عقد مؤتمرات لدراسته وتأسيس هيئات خاصة لمتابعة المستجد في تطوره وإمكانية مكافحته. والدعوة بإلزام وزارات الصحة بتوفير جميع أجهزة الفحص المخبري والعقاقير الحديثة التي تحد من تدهور الجهاز المناعي للمصابين وتأمين العلاج للجميع، وإيصال الخدمة لمستحقيها على الوجه الأكمل.
وهذه الأخبار المفرحة تشعرنا بالتفاؤل والأمل بأن الوباء تحت السيطرة رغم التوجسات من عودة انتشاره وهو ما يحمِّلنا مسؤولية انتهاج الطرق الملائمة والفعالة في تحجيمه، والقضاء عليه والتصدي له من خلال تكثيف البرامج التوعوية والوقائية الاستباقية عن طريق القطاعات الصحية المختلفة، ووسائل الإعلام والوزارات ذات العلاقة سواء الدينية أو المجتمعية ومؤسسات المجتمع المدني لاسيما أن ديننا الإسلامي يحثنا على الطهارة، والتمسك بتعاليمه يساعدنا على الحد من انتشار هذا الوباء.