|
نتيجة للأزمة المالية العالمية الأخيرة عام 2008، تكشّفت لدى الكثير من الشركات عدم قدرتها على الاستمرار وأمامها خياران هما إما التصفية وإعلان الخسارة، وإما الاندماج أو استحواذ من شركات أخرى، وهذه الإجراءات أصبحت واقعاً تم تنفيذه لتفادي مجالس إدارات الشركات الدخول في قضايا قانونية والهروب من المسئولية أو القليل منها لتكون شركة قوية وتحافظ على وجودها.
إن معظم المساهمين والمستثمرين في هذه الشركات لا يعرفون بماذا تستثمر شركاتهم أو وضعها المالي أو مشاريعها، وهذه السلبية يتحملها معاً إدارة الشركة والمساهمون ( الجمعية العمومية)، وذلك لأن الشركات لا تطبق مبدأ الشفافية والحوكمة الرشيدة في مشاريعها وميزانيتها، والمساهمون ( الجمعية العمومية ) لا يهتمون بحضور اجتماعات الشركة ولا بالاستفسار والسؤال عن وضعها ومتانتها بالسوق، لأنّ سعر السهم قد يكون خداعاً وليس بالضرورة يعكس واقع الشركة، ولهذا تتجه الكثير من الشركات وخاصة التي فرخت شركات تابعة لها والتي أطلقوا عليها فقاقيع السوق والتي دخلت مشاريع واستثمارات فيها الكثير من المخاطر، أو ليس لديها خبرة فيها أو ليس في نطاق عملها ولازالت تتوالى الشركات باتجاه الاندماج والاستحواذ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومن هذه الشركات أكدت مصادر مطلعة وتم نشره في الصحف المحلية، أن شركة مجمعات الأسواق التجارية ستعلن خطة دمج 5 شركات تابعة وزميلة في الشركة، وكما تقوم شركة الامتياز الاستثماري تحويل نشاط «الامتياز» من شركة استثمار الى نموذج «شركة قابضة» الاختصاص ستتولى «الامتياز» القيام بعمليات دمج للشركات ذات الأغراض المتشابهة، في سبيل تحويلها الى حجم اقتصادي بما يعنيه من زيادة قدرتها وخفض تكاليفها.
وبذلك سيقع تحت مظلة «الامتياز» ما بين 4 و7 شركات كبيرة تابعة، وأكد رئيس مجلس الإدارة في الشركة الأولى للاستثمار محمد عبد العزيز العلوش أن الانتهاء من دمج شركة بيت الاستثمار الخليجي مع شركة الأولى للاستثمار متوقف حالياً على رأي الملاّك الرئيسيين في الشركتين، لاسيما وأن الإجراءات الأولية لعملية الدمج شبه منتهية خاصة أن الشركتين لديهما برامج وخطط استثمارية تسعيان لتنفيذها خلال المرحلة القادمة. أما عالمياً فهناك اندماج الشركات وهو اتحاد بين شركتين أو أكثر أو شراء شركة لأخرى، لتصبح مجموعات عملاقة وهو الدارج في الأسواق العالمية، ويتضح في أمثلة اندماج شركات السيارت (مثل: جي ام سي وشفرليت)، والأدوية (مثل: سميث كلاين بيكم وجلاكسو).
وعادة ما يكون الاندماج استراتيجية طويلة المدى لنمو الشركة دون الحاجة لتكوين مؤسسات جديدة، وكذلك اندماج «أوراسكوم تليكوم» و»فيلمبكوم» الروسية تعد الشركة من الشركات القائدة في قطاع الاتصالات، وكذلك استحواذ مجموعة «الكترولوكس» العالمية على شركة «أوليمبيك جروب» تعد شركة أوليمبيك من الشركات القائدة في قطاع إنتاج وتوزيع الأجهزة المنزلية.
إنّ الأزمة الاقتصادية العالمية مما لا شك فيه كانت صاحب الأثر الأكبر على اندماج الشركات، وحسب تصريح صندوق النقد الدولي بأنّ الأزمة المالية لازالت موجودة وتحتاج وقتاً لتتعافى اقتصادات الدول. السؤال هل المساهمون والمستثمرون على علم بما تقوم به شركاتهم وهل لديهم معلومات عن ماهية الاستحواذ والاندماج وما هو تأثيره عليهم وعلى شركاتهم وأعتقد أنّ الجواب لا ، ولذلك سوف أشرح بشكل موجز للمساهمين والمستثمرين بالشركات التي تنوي الاندماج أو الاستحواذ تعريفاً لها وتأثيرها عليهم وحقوقهم وواجباتهم تجاهها. إن مفهوم عملية الاندماج Merging بين الشركات عبارة عن توجه من جانب شركتين أو أكثر نحو التكتل أو التحالف أو التكامل لخلق كيان جديد يكون قادراً على تحقيق الأهداف التي لا تستطيع أن تحققها الشركة بمفردها، أو للتغلب على مشاكل قائمة حالياً أو متوقعة في المستقبل، مما يساعد في تعزيز الموقف المالي للمحافظة على التنافسية. ونتيجة الاندماج هو اختفاء الشركتين وظهور شركة ثالثة أقوى منهما. وأصبحت عمليات الاندماج بين الشركات أحد أبرز الخيارات المطروحة على الساحة المالية العالمية والإقليمية والمحلية لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية التي أفرزت واقعاً يهدد الكثير من الكيانات الاقتصادية بالإفلاس أو التصفية. أما الاستحواذ Acquisition فهو شراء شركة لأصول وموجودات شركة أخرى وانتقال ملكيتها إلى الشركة المستحوذة. وتتمثل في ضم شركة أصغر حجماً إلى الشركة المستحوذة. أي أن الاستحواذ يتم بين شركتين, الأولى كبيرة وقوية, والثانية ضعيفة وأقل قوة, عن طريق سيطرة الأولى على الثانية من خلال شراء جميع أو 51% من أسهمها غير المسددة، أو عن طريق شراء أصولها. ونتيجة هذه العملية هي اختفاء الشركة المباعة, ونشاط أكبر للشركة المستحوذة.
ويتمثل الفرق الرئيسي بين الاندماج والاستحواذ في ماذا كانت هذه العملية بين شركة محلية وشركة أجنبية وفي وضعية المساهمين في الحالتين..
ففي حالة الاندماج يحتفظ المساهمون في الشركتين لأسهمهم في الكيان الجديد أو في الشركة الدامجة، وبالتالي يتحولون إلى مساهمين في الشركة الجديدة.
أما في حالة الاستحواذ فغالباً ما تبقى الشركة المستحوذ عليها موجودة وتقوم بعملياتها بالشكل المعتاد، إلا أن ملكية أسهمها تنتقل إلى مساهمي الشركة المستحوذة إما عن طريق الدفع النقدي أو عن طريق سندات دين، وتتمكن في هذه الحالة الشركة المستحوذة من السيطرة على الأصول الثابتة للشركة المستحوذ عليها وموجوداتها ومطلوباتها على أن يكون الاستحواذ إما كلياً بشراء كافة أصول الشركة المستحوذ عليها أو جزئياً بامتلاك جزء من أسهم تلك الشركة، وغالباً ما تتطلع الشركات عند الشراء الجزئي، إلى أن تمكن كمية الأسهم المستحوذ عليها الشركة المشترية من التحكم في قرارات مجلس الإدارة للشركة أو المشاركة الفعالة في إصدارها، وتسمى في هذه الحالة أسهماً إستراتيجية. وقد تتباين موقف الدول من التشجيع على اندماج الشركات تبعاً لحالتها الاقتصادية وأوضاعها المالية، ومدى تقدمها.
فالدول الغنية والمتقدمة، لم يعد يهمها كثيراً أن يقع اندماج بين شركاتها أو لا يحدث، وهذه الدول الغنية، ليست بحاجة إلى تركيز وتجميع رؤوس الأموال، وهي إذن ليست بحاجة إلى دمج شركاتها أو اتحاد تلك الشركات، فاقتصادها متين وصناعتها متطورة قادرة على الصمود والمنافسة.
أما الدول النامية والفقيرة ، فهي بحاجة إلى وفرة المال، كما هي بحاجة إلى المهارات والخبرات الفنية والصناعية والأيدي العاملة المدربة الماهرة، لذلك، نجد تلك الدول تسعى إلى توفير رؤوس الأموال، فهي إذن تشجع اندماج الشركات لما في ذلك من فوائد كثيرة. ونظراً لكون الشركة الهدف تعتبر فرصة استثمارية لم يحسن استغلالها ومن واقع الدراسات المالية في الأسواق المتقدمة تزداد عادة قيمة الشركة الهدف بنسب عالية حال معرفة السوق خبر الاندماج أو الاستحواذ، بل يتعدّى أثر هذه الإيجابية الى زيادة في أسعار الشركات المماثلة في القطاع، وكأنّ هناك إشارة إلى السوق بأن هذا القطاع يمتلك فرصاً واعدة بالنمو. ومن بين مؤشرات الاستحواذ أو الاندماج قياس القيمة السوقية الى القيمة الدفترية، فكلما قلّت هذه النسبة كان ذلك علامة على إمكانية إتمام مثل هذه العملية.
www.kuwaiticonsultant.com
مستشار تنظيم وإدارة Phone: 99744654 | Fax: 22525575 abumishari1@yahoo.com