لا توجد كلمات أو عبارات يمكن أن تصف بشاعة ودناءة العمل الإجرامي الذي راح ضحيته «فيتوريو اريغوني»، هذا الرجل الذي ترك أهله وبلاده في إيطاليا، ليتضامن صادقاً مخلصاً مع الشعب الفلسطيني، بل ليعيش في غزة ومع أهلها ليس سائحاً، ولكن جسوراً مقداماً ومدافعاً عنها في وجه الاحتلال الذي لا تقل جرائمه بشاعة عن جريمة هؤلاء الذين تستّروا ويتستّرون بعباءة الدين والسلف وهو منهم براء براءة الذئب من دم يوسف، لا يمكن أن يكونوا من بني البشر أو يملكون ذرة إحساس آدمي، وسواء فعلوها هم أو ألصقت بهم فالأمر سيّان، نعم لا فرق لأنّ أفعالهم السابقة وفكرهم المنحرف ومنطقهم الأعوج لم يترك مجالاً للتشكيك، وهم الذين لم يجلبوا إلاّ الدمار والهلاك للمسلمين أولاً، ومحبة مقارعة الكفار لأجندتهم في ميادين المواجهة، بل ينتعشون عند قتل الأبرياء الآمنين من بني جلدتهم ودينهم بدعاوى التكفير، وقتل الآمنين من أمثال المغدور فيتوريو بحجة أنه جاء للفساد والإفساد من بلد كافر، فتاوى جاهزة ومعلّبة للجميع، إلاّ العدو الحقيقي الذي لا يشغلهم!.
هل فكر من قام بهذه الجريمة البشعة ولو للحظة من يكون هذا الرجل الذي قتلوه غدراً وظلماً؟ هل سألوا أنفسهم ما الذي فعله؟ ألا يعرفون أنه فعل الكثير والكثير وقدم الأكثر لغزة التي شوّهوها بجريمتهم النكراء؟
ما هكذا هو الإسلام وليس هذا هو نهج السلف الصالح، سامحنا يا فيتوريو فأشباه الرجال لا يعرفون قدر الرجال وأدعياء الإسلام لا يفقهون منه شيئاً، سامحنا وقد عجزنا وللأسف أن نوفيك حقك وقدرك، أنت الذي واجهت المحتل وتلقيت رصاصاته في جسدك، وأنت الذي رحّلوك جواً رغماً عنك فعدت بحراً رغماً عنهم، أنت من يعرفك كل صياد في غزة ويعرفك كل متضامن مع غزة، سامحنا فقد آذانا السفلة قبل أن يؤذوك، وطعنونا قبل أن يشنقوك، سحقاً لهم عليهم من الله ما يستحقون .. لكن ذكراك ستبقى وصورتك ستبقى وعملك سيبقى، سيذكرك الناس بالخير، وسيذكرون السفلة بالعار والشنار، فقد كنت فلسطينياً أكثر منهم، وكنت في أخلاقك مسلماً أكثر منهم.
الوفاء لك سيكون بالاستمرار بما بدأته، فهيهات هيهات أن ينجح السفلة في وقف التضامن مع غزة، وهيهات هيهات أن ينجح من جنّدهم سواء كان الاحتلال أو أذناب الاحتلال أو حملة الفكر الذي لا يخدم إلاّ الاحتلال، لأنّ فكرهم وفعلهم لا يصب إلاّ في خانة المحتل لا جدال.
سنكمل ومعنا أحرار العالم المشوار حتى يسقط الحصار، وحتى زوال الاحتلال.
اليوم توحّدت غزة بمختلف مشاربها حزناً عليك، وتوحّدت غضباً لك، وتوحّدت إصراراً على مواجهة السفلة أصحاب الفكر المنحرف البعيد عن تراثنا وعاداتنا وأخلاقنا وديننا، وتوحّدت في طلب القصاص العادل من القتلة، وتوحّدت في الدعاء عليهم أن ينتقم منهم شر انتقام.
.. ليسوا على نهج السلف الصالح، ولا يمثلون السلفية، بل هم سفلة وأقل من ذلك، يقول رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم: (ألا من ظلم معاهدًا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة) رواه أبو داود، وحسنه ابن حجر والألباني، ويقول عليه الصلاة والسلام «من قتل نفساً معاهداً لم يُرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً» - صحيح البخاري، أين هؤلاء من هذا؟ وبأي ذنب قتلوك يا فيتوريو؟ وداعاً فيتوريو.
DrHamami@Hotmail.com