|
تحليل - د. حسن أمين الشقطي
عاد من جديد الجدل حول مستقبل مؤشر السوق خلال الفترة المقبلة.. هل هو قادر أو راغب في الصعود؟ أم لديه قاع قديم يتجه إليه أو ربما يبحث عن قاع جديد يخفيه؟.. بداية لا بد من التأكيد على أن الأوضاع المحلية على المستوى الاقتصادي ممتازة ولا غبار عليها وخاصة في ضوء ضخ السيولة الكبيرة في ظل القرارات الملكية، وبالتالي فالسوق مدعوم بقوة الإنفاق الحكومي الهائل الإضافي والجديد.. أيضاً الأسعار العالمية للنفط تدعم بقوة قطاع البتروكيماويات، ومن ثم فهي قادرة على حمل مؤشر السوق لمستويات أعلى من الحالية.. ولكن مع ذلك فمؤشر السوق لم يصعد ويسير ببطء ورتابة شديدة.. على الجانب الآخر (السلبي)، فإن الأوضاع السياسية الإقليمية لا تزال ملتهبة بثورات مستمرة باليمن وليبيا، وامتدت لدول عربية جديدة (سوريا)، أيضا لا يزال بعض الاضطراب السياسي يحيط بإيران.. ولكن المؤشر استوعب هذه الاضطرابات السياسية واعتاد عليها، حتى أصبحت الآن لا تترك تأثيرات حقيقية على السوق. ومن الواضح أن المؤشر الآن لا يتفاعل مع المحفزات الإيجابية، كما أنه لا يستجيب للأحداث السياسية، وأنه عاد لحالته الأساسية وهي الثبات.. ولكن هذا الثبات بدأ يصيب الكثيرون بالإحباط، لأن هناك طبقة من المساهمين بالسوق تعتمد على حركة المؤشر وتعتمد على خبراتها بالمضاربة في إيجاد دخل دوري (يومي أو أسبوعي) لتسيير إنفاقها على أمورها المعيشية، وهذه هي الطبقة المنزعجة من ثبات ورتابة حركة المؤشر.. فالشريحة الأكبر بالسوق تحولت من مضاربين إلى مستثمرين على المدى القصير، وهذه الشريحة تقريباً تضع كل سيولتها بالسوق، وتعتمد على عوائده في إنفاقها الحياتي أو استثماراتها الأخرى. ولو كان المؤشر في نيته هبوط جديد، فبرأيي أن الفرصة كانت مواتية له باستغلال أحداث ثورات المنطقة العربية في إحداث هبوط قوي إلى قاع جديد بدون أن يعترض أحد.. وكون المؤشر ارتد بعد هبوطه الأخير في مارس الماضي، ففي اعتقادي أنه لا نية لصناع السوق في إحداث هبوط قصري.. ومن ثم فلا نية للبحث عن قاع جديد.. لذلك، فإن المنطقة الحالية للمؤشر (6000 إلى 6600 نقطة) هي المنطقة المستهدفة منذ أكثر من عام، لدرجة أننا نشهد عنفاً في الضغط على المؤشر عندما يصل لمستوى أعلى من 6600 نقطة تقريباً (غير مقدرة فنياً)..وسجل المؤشر خلال العام الأخير متوسط 6381 نقطة.. ولنا أن نتذكر أن المؤشر دخل هذه المنطقة منذ منتصف مايو 2009م، وهو لا يزال يتحرك بها كمتوسط لقيمته، ويبدو أن الصناع لا يسمحون بحركته خارجها، فأي صعود عنها أو هبوط منها سرعان ما يعود إليها.
السعوديون ما بين التحول للاستثمار والعزوف عن التداول
توجد هناك العديد من الدلائل على تدني اهتمام الشريحة الأكثر أهمية والأعلى مشاركة في سوق الأسهم وهم الأفراد السعوديين، التي تصل مشاركتها حسب آخر تقرير للتداول حسب الجنسية إلى حوالي 82%.. ولعل استمرار هذه النسبة عند هذا المستوى يمثل أحد جوانب عدم النجاح الكامل لهيئة السوق في تنويع مشاركات الأطراف المختلفة في سوق الأسهم لتصبح توليفة متزنة ما بين أفراد وشركات من جانب، وسعوديين وأجانب من جانب آخر.. إن الحقيقة التي يجب أن يعترف بها الجميع الآن هي أن الأفراد السعوديين لا يزالون هم الوقود الحيوي للسوق.. إلا أن هذا الوقود تم السيطرة على جموحه السابق من خلال إجراءات عديدة تم إطلاقها خلال السنوات الثلاث الأخيرة.. النقطة الأهم ليس عزوف السعوديين عن السوق، ولكن هي تدني درجة اهتمامهم بالسوق رغم استمرار تواجدهم به، بما يثير التساؤل هل ذلك لأنهم تحولوا إلى مستثمرين أكثر منهم مضاربين؟ أم أنهم عزفوا عن السوق؟..البعض يشير إلى أن هذا التواجد هو عبارة عن تعليقة للكثيرين منهم، ولا مبالاة في متابعة المبالغ المتبقية بمحافظهم بعد الخسائر التي لحقت بهم، ولكن في الحقيقة أن الكثيرين بالسوق الآن تركوا محافظهم وعزفوا عن متابعة السوق لاعتناقهم مبادئ الاستثمار كمستثمرين.
سهم بيشة
تدور الأحاديث الآن عن احتمالات عودة سهم بيشة بعد الجهود المضنية من قبل بعض المساهمين فيها لو وضع حل لمشكلتهم.. في اعتقادي أن عودة السهم بصرف النظر عن الوضع المالي للشركة أمر إيجابي للسوق وخاصة أن المساهمين بها لا ذنب لهم.. فهم يعاقبون على الاستثمار فيها، وهذا ما كان لا ينبغي.. أما عن إعادة تداول السهم فهو أمر تحفيزي لأسهم المضاربات، وخاصة أنه من المتوقع أن يعود السهم ببعض النشاط للعالقين به..ولكن السؤال الذي يثير نفسه هل يمكن أن يعود السهم إلى سابق عهده المضاربي؟ أم أنه سينضم إلى الأسهم المضاربية الأخرى التي خفت صوتها طواعية أو قصرا؟. في الاعتقاد أن السهم قد يحرز بعض النشاط لفترة ولكن ليست طويلة، ولكنه سرعان ما سينصاع لطبيعة السوق الجديدة، وهي الثبات النسبي..فخلال الفترة الأخيرة أصبح السوق يمتلك القدرة على امتصاص كل نشاط مضاربي غير عادي لأي سهم، وبات أيا من الأسهم غير قادر على المضاربة لفترة تزيد عن بضعة أيام.
جدل حول معايير تعليق وإيقاف تداول الأسهم
أي شركة تتجاوز خسائرها نسبة 75% من رأسمالها يجب أن يتم إيقافها.. وهذه النسبة تحسب بناء على ناتج قسمة (حجم خسائر الشركة - رأسمالها)، وكل شركة متعثرة تكون حريصة أن لا تصل نسبة خسائرها إلى هذه النسبة، وغالبيتها تسعى إلى تغيير قيمة المقام (رأسمالها) لتقليص النسبة عندما تقترب منها، وهي آليات أشبه بالتحايل لأن كل شركة تخسر تسعى لتغيير رأسمالها لضبط أوضاعها حتى لا يتم تعليق أسهمها بالسوق.. لأن رفع تخفيض رأس المال لا يعطي دليلا على تحسن أوضاع الشركة ولكن هو أداة للتغلب على إيقاف التداول على أسهم الشركة.. أما الشيء الأصعب هو الاختلاف الكبير بين المحللين حول طريقة حساب حجم خسائر كل شركة، فيوجد شركات متداولة بالسوق الآن البعض يعتقد أن نسبة خسائرها إلى رأسمالها وصلت إلى مستوى نسبة التعليق.. ونظراً لأهمية الأمر فهناك حاجة ملحة لأن تفصح هيئة السوق عن هذه النسبة لكافة شركات السوق حتى يتحمل المستثمرون المسؤولية الكاملة عن قراراتهم الاستثمارية في الشركات.