موهبة فذة عزمثيلها في عالمنا العربي.. عينان لا تبصران يوم أن وُلد خشي عليه والده أن ينهزم في حياته بهزيمة بصره.. إلا انه انتصر على الهزيمة بعزيمة إرادته فكان هو طوق النجاة والنجاح لأسرته.
ولد ببصيرة نافذة لها وهج الضوء.. وجذوة من الاستشعار لا تنكفئ. ولا تنطفئ.. غالب زمنه.. فكانت له الغلبة على سوداوية زمنه.. انتصر عليه. وقف شامخاً خارج دائرة الظلام.. أبصر ببصيرته النافذة نافذة النور. حمل مشعله كفارس لا يتهيب الإعاقة وإنما يحتويها.. لا من أجله فحسب وإنما من أجل الكثيرين ممن انطفأ نور الرؤية في عيونهم..
على يديه افتتح أول معهد للمكفوفين في المملكة كان هو المدير والإداري والإدارة، المعهد تحول إلى معاهد.. وإلى جمعيات خيرية لصالح المكفوفين. وتتسع الدائرة أكثر وأكثر.. طباعة المصحف الشريف بطريقة برايل، فإصدار مجلة الفجر، فطباعة الكتب وتسجيلها من خلال المكتبة الناطقة المركزية المجانية. فإنشاه برنامج النور والأمل التلفزيوني والإذاعي..
تبوأ من المناصب أعلاها محلياً وعربياً وعالمياً.. محلياً كان مديراً للتعليم الخاص وعربياً عمل رئيساً للمكتب الإقليمي لشؤون المكفوفين، وعالمياً رئيساً للاتحاد الدولي للمكفوفين. تذكرت وأنا أعيش المشهد البطولي للموهبة الأخرى الفذة الصماء البكماء، العمياء، الأمريكية (هيلين كيلر) التي تغلبت على إعاقتها، وأنجزت أعمالاً جليلة خلدها لها التاريخ بأحرف من نور، كما هي حال راحلنا الغالي..
هذا هو الفقيد الفذ الذي غادرنا إلى جوار ربه بعد عمر مجيد حافل بالعطاء.. من حقه علينا أن نُحيي تاريخه.. وأن نحيي ذكراه.. وأن نضع اسمه على أهم معهد للمكفوفين في بلادنا.. إنه أضعف الإيمان.
رحمه الله رحمة واسعة و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
الرياض