نمطية عبارة اعتدناها من العمالة المنزلية من السائق أو الخادمة أو عامل المزرعة، فهؤلاء لا يكفون عن الجئير بمقولة واحدة وإن اختلفت رواياتهم لها تتمحور في عبارة: «بابا موت، وماما يمكن فيه موت، بيبي موت»، فنحن بصدق لا ننفي عنهم هذه الفرضية الأليمة، ولا نصادرهم حقهم الإنساني في التعبير عن ما يواجهونه، بل نتعاطف مع أي إنسان على وجه الأرض ونتمنى له السلامة.
فلا ندري ما سر هذه الجملة، أو اللزمة لدى الكثير من العمالة المنزلية «بابا موت».. فهل ترديدها أمامنا يعكس صورة مغروسة في أذهانهم سلفاً بأننا عاطفيون ويمكن أن ننساق وراء كل مؤثر وجداني أو إنساني حتى وإن كان على حساب العمل والعقد والعهد بيننا وبينهم؟
أحد الأشخاص روى أنه تفاجأ ببكاء متناغم بين والدته وأخته فأخذته الحيرة في أمر المصيبة المفاجئة!.. فمن يا ترى المصاب؟ ليأخذ في السؤال عن والده وإخوانه وأبناء إخوته.. سألهما:- هل أصابهم مكروه؟ فردتا بالنفي، أي أنهم جميعا بخير وسلام.
وعاد بعد أن خفتت معالم الحيرة ليسأل عن المحيطين فيهم فلا خبر فاجع حولهم ولله الحمد، لتزداد رغبته في معرفة سبب هذه المناحة، ليفاجأ بأن بكاء الوالدة وأخته ما هو إلا من قبيل التعاطف النوعي مع بكاء الخادمة أثناء نقلها إليهما خبر يفيد بأن ابنها عمل حادثاً في الدراجة النارية، أو السيكل وانكسرت قدمه ويمكن حسب روايتها أن يموت!
ولم تكتف الخادمة الحزينة التي لا تزال تدّعي بأن المستشفى هناك طلب أموالاً طائلة مقابل بتر قدمه وتعويض أصحاب البقرة التي دهسها، وما إلى تلك الأفلام الهندية التي تسعى من خلالها إلى كسب أي قرش وتحويله فوراً، فكم من مصدِّق وكم من مكذب لهذه المقولات التي لا نملك فيها أي الدليل، فضلا عن كوننا غير ملزمين بأمرهم أعانهم الله على همومهم.
ومع رنين هذه المقولات التي ألفناها كثيراً تخيّل أو افترض أن أحداً منا هناك، في أي بلد من تلك البلاد أفادهم بهذه المقولة: - أن والده أو والدته أو أبناءه تعرضوا لمثل هذا الموقف.. ترى ماذا سيكون رد الفعل؟.. بالطبع لن يعيرك جلهم أي اهتمام، وإن تعاطف معك أحد منهم سيقول: أوه يا الله، لكنك حينما تطلب مالاً فإن الأمر قد لا يكون إلا بنهرك أو وصفك بالجنون!!
hrbda2000@hotmail.com