تتوافد الجموع المحبة هذا اليوم الثلاثاء 27-11- 1432هـ إلى العاصمة السعودية الرياض لأداء صلاة الجنازة على فقيد الأمة صاحب القلب الكبير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله رحمة واسعة وجبرنا في مصيبتنا..ورزقنا جميعاً الصبر والسلوان على فقده..
لقد عرفناك يا أبا خالد وجهاً منيرا بالبسمة.. بحراً من الجود والكرم.. يداً حافلة بالعطاء.. مؤسسة خيرية بذاتك.. كل هذا في إنسانية فريدة وقيم عالية رشيدة أسرت الكثير.. كم بددت «سلطان الخير» ظلمة العوز عن المحتاجين.. كم محوت تعاسة اليأس عن محيا الكثيرين.. كم فتحت باب الأمل والرجاء أمام آخرين.. كم ذللت من صعوبات.. كم هونت من عقبات.. وكم.. وكم..بتوفيق من الله، ثم بما عرف عنكم رحمكم الله من حنو أبوي ومودة إنسانية متميزة.. وتبرهن البيوت المنزوية، والبطون الجائعة، والأبدان المريضة، على أياديه البيضاء التي امتدت لتمسح دمعة، وتواسي مصاباً، وتؤازر محتاجاً، وتنقل مريضاً، وتتكفل بعلاجه، وتدلل الحوادث والوقائع الشخصية والمجتمعية الداخلية والخارجية على مواقفه التي كان لها أبلغ الأثر وأقواه في نفوس الكثيرين الذين مستهم الضراء وحلت بساحتهم البلوى ولم يكن لهم - بعد الله - سوى رجل البذل والبر والعطاء سلطان بن عبد العزيز آل سعود، وما الشعر والنثر، وما القول والقلم، وما اللوحات الرائعة والإبداعات الفذة، وما.. التي باحت وسطرت ورسمت ملامح هذه الشخصية الرمز عبر سنوات من عمر هذا الوطن المعطاء إلا شاهد على ما نقول، وما هو في رحم الغيب أكثر وأشمل والله أعلى وأعلم، وإن كانت الشمس المشرقة لا تحتاج إلى برهان أو دليل إلا أنني أجزم أن في ذاكرة كل منا مئات الأدلة، وآلاف من البراهين، قصص وحكايات لن تفيها حقها الكلمات ولن تحيط بها الكتب والدواوين. لقد كان أملنا كبيراً أن تعيش ولي عهدنا الأمين بيننا سنوات من العمر المديد وأنت ترفل بثوب الصحة والسعادة والرفاه، ولكنها باختصار أقدار الله المؤلمة التي تجري على الجميع في هذه الدنيا، لكنه الموت الذي قضاه الله على جميع خلقه بلا استثناء وكل منا له أجل مكتوب {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}، {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}.
هي الأيام لا تبقي عزيزاً
وساعات السرور بها قليلة
إذا نشر الضياء عليك نجم
وأشرق فرتقب يوماً أفوله
نعم لقد فقد العالم الإسلامي قائداً فذاً ورمزاً أبياً وأباً حانياً وإنساناً سخياً له في كل خير باب ومع كل منعطف موقف رشيد و بكل محنة وفتنة رأي سديد..إنها مصيبة وليس لنا إلا الصبر والرضى والاحتساب فكلنا في هذه الحياة مجرد عرايا مستردة {ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ}..{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.
ما قد قضى يا نفس فاصطبري له
ولك الأمان من الذي لم يٌقدري
ثم اعلمي أن المقدر كائن
حتماً عليك صبرتي أم لم تصبري.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز..صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أصحاب السمو الملكي الأمراء، أبناء الفقيد وإخوانه وعائلته، الدوحة السعودية المباركة، إنسان هذا الوطن المكلوم
إني معزيك لا إني على ثقة
من الحياة ولكن سنة الدين
فلا المعزا بباق بعد ميته
ولا المعزي ولو عاشا إلى حيني
رحمك الله يا أبا خالد ونور عليك في قبرك وأسكنك فسيح جناته.. (إنا لله وإنا إليه راجعون)..إن الواجب علينا في حق سلطان بن عبد العزيز وقد رحل من هذه الدنيا، الدعاء له، والترحم عليه، وذكر محاسنه، ونشرمآثره، والاستفادة من منجزاته، والعمل على إكمال مسيرته، والإشادة بمواقفه والافتخار بأفعاله، حفظ الله قادتنا ،وجمع كلمتهم على الحق، وأعلى رايتهم في كل حين ونصرهم على كل عدو وإلى لقاء والسلام.