يصعب على أي كاتب أو صحفي أن يضيف جديدا لحجم المشاعر المحلية الكبيرة، وتلك الإقليمية الضخمة، أو الدولية المعبرة عن فقد ولى العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، فأعظم ما قيل وكتب ونشر وبث غطى الكثير من جوانب الراحل السياسية والإنسانية التي اتفق عليها الجميع دون استثناء، كسمة الخير الاستثنائية التي رصدتها وسائل الإعلام، وكانت الملمح الأبرز في ردود الأفعال الشعبية على المستويات كافة، كما عرف «سلطان الخير».
كل مواطن لديه قصة خاصة، وكل محتاج عنده ذكرى تجاوب مرت، وكل طالب عنده لحظة فرح غامرة بعد تلبية حاجة.
كان رجل دولة بامتياز، وهو من أعمدة التأسيس الثابتة للدولة السعودية المعاصرة واستقرارها، له لمساته في مجالات التنمية والتحديث، والمجال العسكري، حيث نجح في نقل وزارة الدفاع والطيران من أفراد إلى مؤسسة عصرية شاملة متنوعة في خدماتها الرئسية والمساندة.
لفتني ما ذكرته أكثر من شخصية عن تبرعات أو مساعدات مباشرة قدمها سلطان بن عبدالعزيز لمحتاجين أو معوزين نشرت قضايهم في وسائل الإعلام، وقدمها باسم «فاعل خير»، بمعنى هذا العطاء المتناهي يتم في سره.
أضف إلى ذلك ما ذكره أكثر من مصدر عن قبول الأمير سلطان للرأي الآخر مهما كان مخالفاً، ضمن حرصه على تفهم الصورة الكبرى في العلاقات السياسية أو تلك المباشرة، وهي سمة نادرة يتميز بها كبار متخذي القرار البارزين والمؤثرين. فقد كان شخصية متنورة.
ردود الأفعال الهائلة تذكرنا اننا أمام شخصية استثنائية بامتياز، يشعر الجميع بحزن بالغ أمام فقدها، مهما اختلفت اتجاهاتهم السياسية والفكرية ومستوياتهم الاجتماعية.
أعيد للذاكرة مرافقتي لسموه ضمن وفد إعلامي في بداية التفرغ للعمل الصحفي، الزيارة شملت عدة دول بينها تونس، وباكستان وإيران، كان الأمير سلطان يمثل الشخصية السياسية المتواضعة المطلعة، يتبسط مع صحفي صغير من أجل الإجابة عن سؤال، أو استفسار عن شأن ما خلال برنامج زيارته الحافل.
كان وهو المسئول الكبير حريصا على التعرف على أفراد الوفد الإعلامي صغيرهم وكبيرهم دون استثناءات، يتحدث للجميع بنفس الاهتمام، ويتعاطى مع مختلف القضايا المطروحة بشفافية نادرة.
الحقيقة أن سيرته مدرسة تستحق أن يتعلم منها الجيل التالي من الأمراء والوزراء والمسئولين، سيرة عنوانها العمل والتواضع والمساعدة لكل محتاج، ونشر فعل الخير لأبعد مداه.
ذلك جزء من سيرة رجل دولة.. وستبقى ذكراه وسيرته راسخة حاضرة.