صبيحة السبت كان يوما كئيبا ليس كعادته، سبت ملئ بالحزن والمرارة على فقيد الوطن..فكان حق لعين أن تدمع لرحيل صاحب القلب الكبير صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولى العهد. والذي سطر سيرته بخطوط من نور وترك أثرا كبيرا في حياة الوطن. ستبقى خالدة الدهر تحكي مواقف النبل والكرم والشهامة، فكان حق لقلوب أن تفجع لرحيل رجل امتد عطاؤه فشمل الكثيرين في الداخل والخارج. فرحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته.
فكم من محزون واساه ومسح أدمعه وكم من مريض جار عليه الدهر فوجد سلطان من يداوي جراحه وكم من مكروب هزمته فواجع ومصائب فكان سلطان بعد الله سببا في جلاء كروبه. وكم من موجوع حطمته أحزانه فكان سلطان الخير بتوفيق الله معينا له في زوال أحزانه لقد كان يرحمه الله يحمل قلبا ينبض بهموم الناس ويحس بأوجاعهم وحتى وهو على فراش المرض.
فكيف لي ياترى أستطيع أن أجمع معلومات وأن أوجزها عن هذا جانبه الإنساني إذ إن لسموه رحمه الله سجل حافل. بل مدارس متعددة في مجال خدمة الإنسان والرقي به والوقوف مع المحتاجين وبالذات ذي الظروف الخاصة. تحولت في الأخير إلى مؤسسات خيرية ذات أبعاد إنسانية خلاقة ولعل مؤسسة سلطان الخير ولجنة الأمير سلطان الخاصة بالإغاثة خير دليل إلى ما كان يتطلع إليه سموه رحمه الله في هذا المجال الخيري من الخدمات الإنسانية..فقد كان سموه يعتبر من أحد الوجوه المباركة والموفقة التي لها مساهماتها الإيجابية ومشاركاتها الفاعلة في بناء هذه النهضة تحت توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- فقد كان سموه رحمه الله يعمل بلا كلل أو ملل من أجل نهضة بلادنا وتطورها وكان الساعد الأيمن لخادم الحرمين الشريفين بالقيام بمسؤوليات كبيره لها أثرها الملموس في دفع عجلة التقدم والازدهار في وطننا الغالي ولها الأثر أيضا في القضايا الإقليمية والعربية والإسلامية والدولية.
فقد كان سموه رحمه الله من الكفاءات النادرة التي مارست القيام بالمسؤوليات الكبرى فحقا كان سلطان الخير النموذج الفريد للعمل المتوال الدؤوب فاستحق أن يكون من النماذج الفذة في هذه الحياة.
واليوم بعد رحيله ستفتقد العين لرؤية سلطان الخير بابتساماته المشرقة التي كان يشع بها أرجاء الوطن..فحينما تذكر سلطان فأنت لا تذكر رجلا عاديا مر بالتاريخ ورحل كغيره من كثر... بل إنك تذكر رجلا سطر بماء الذهب اسمه وحفر (سلطان) على صخور التاريخ حروفه.. لن ينسى التاريخ اسمك ولن تتوارى ابتسامتك وقامتك وهامتك عن أعيننا.
ولئن مات سلطان وفارقنا بجسده فإنه باق بيننا بأعماله ومآثره الباقية التي تشهد على هذا الإنسان الذي كتب حياته بمداد من نور وعمل من ضياء وهكذا هم العظماء يتركون الكلام للزمان والتاريخ والناس هم شهود الله في أرضه.
وختاما أدعو الله سبحانه وتعالى لسموه بالمغفرة والرحمة من عنده.. إنه ولي ذلك وهو القادر عليه وهو اللطيف الخبير إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .
(*) عضو الجمعية السعودية للاقتصاد