أشفق كثيرا على جهود وزارة العمل وتفكيرها الحضاري الذي يسبق عصرها أو لا يتماهى مع أفكار أبنائنا! وأعلم أنني بهذا المقال لن أرضي الوزارة، ولن يرضى عني المجتمع الذي اعتاد على الطبطبة.
طفقت الوزارة في عمل برنامج نطاقات وهو عمل رائد إن سلم من التدخلات واستغلال ثغرات النظام، وقامت بنشر الإعلانات والتخويف من الانزلاق في النطاق الأحمر وعدم الاحتفاظ بالأخضر. وهذا يحمد لها، فإن نجحت فسنكتفي بالتصفيق، وإن فشلت فلا تبتئس حين ترى أنياب شماتة المجتمع بارزة، وحتما سيؤلبون الصحافة!
واليوم تنهض الوزارة بعبء (حافز) وتتوقع منه ألا يكون تذكرة للاتكالية والركود، بل دافعا لسوق العمل في مجتمع اعتاد على الشكوى والتذمر واستغلال الفرص، حيث صرح الوزير في اجتماعه مع بعض الكتاب والمثقفين بأن وزارته تفاجأت بالعدد الهائل ممن تقدموا لطلب إعانة حافز باعتقادهم أنها ضمان اجتماعي حيث وجدوا ضمن المتقدمين موظفي حكومة وقطاع خاص، ومتقاعدين وطلاب جامعات وربات بيوت لم يفكرن بالعمل قط، وأطفالا وشيوخا طاعنين بالسن وأكثر من ثلاثة آلاف متوفى! مما اضطر الوزارة الاستعانة بقاعدة معلومات مشتركة مع اثنتي عشرة جهة حكومية، وتأجيل الصرف. وآمل من الوزير ألا يصيبه الإحباط حين يستلم العاطلون الإعانة ويرفضون استلام العمل!
مما علمت وأدركت أن مسألة البحث عن عمل مسألة ثقافية بحتة وما لم تترسخ ثقافة العمل لدى شبابنا فلن ينجح أي برنامج! والثقافة التي أعني تبدأ من المنزل، من الأسرة، من التربية. فقد اعتاد معظم شبابنا أن تدس أسرته في جيبه ضعف مكافأة الطالب الجامعي (لزوم مصاريف) وتحت مفهوم (ما نبغى ولدنا يصير أقل من غيره) و(ما نبغى نكسر نفسه)! فضلا عن الإسراف بشراء الأجهزة الإلكترونية وتناول الوجبات في المطاعم والفوضوية في الاستهلاك!
وحيث أن (الدهر) هو الأسرة التي فشلت في تربية أبنائها على مفهوم العمل وشرفه، وتدريبهم على ممارسته منذ طفولتهم وحتى شبابهم. فهي ذاتها التي أفسدت الشباب على القبول بأي وظيفة مناسبة تكفيهم الاعتماد عليها مهما تكن تلك الوظيفة، حتى ولو كانت لا تناسب مؤهلاتهم أو مكانة أسرهم الاقتصادية والاجتماعية. ولأن الأسرة بتضامن المجتمع ترفض كل العمليات الإصلاحية لتوظيف الشباب والحد من العمالة فإن (العطار) المتمثل ببرامج وزارة العمل لن يصلح ذلك (الفساد) المتأصل بالفكر والثقافة.
وعلى الوزارة البحث عن طرق أكثر جدوى لإنجاح برامجها حتى لو تضامنت مع بعض كتاب الصحف بعدم التعاطف مع الشباب المائع الذي يرفض العمل المهني بحجة أن بلادنا أكبر مصدر للبترول، واقتصادنا متين.
ولا تعجب حين تجد أولئك الشباب يطيرون بالمقالات التي تجأر بشكواهم من البطالة الموهومة وتُسقط فشلهم على فساد الخطط الحكومية، وتهزأ بكافة الخطط والبرامج وتنتقدها بحدة دون إيجاد البديل.
وكان حريا بالكتّاب والمواقع الإلكترونية وقنوات التواصل الاجتماعي حث أولئك الشباب على العمل بدلا من التعاطف معهم، ولا شيء أكثر كرامة من العمل ولو كان غسل السيارات! فهو وإن كان غير ملائم إلا أنه عمل شريف، ورجولة وعصامية، حتى ولو كانت آبار النفط تتدفق تحت أقدامنا؛ فهو ثروة ناضبة، بينما سواعد شبابنا ثروة دائمة!
rogaia143@hotmail.com-Twitter @rogaia_hwoirinywww.rogaia.net