كثيرون يتهمون المساعي الجادة لتفعيل المرأة أنها جاءت استجابة لضغوط من جهات خارجية، أوأن لها أجندات مغرضة. هذا غير صحيح! بل ينادي به من يجهل أويتجاهل تاريخنا القريب, ويحملنا منة لم يقم بها؛ وكلنا يعرف كيف تحقق للمرأة حق التعليم العام !.
لعلي من أوائل من تكلمن عن دور المرأة السعودية في التنمية, حين تناولت في الثمانينيات الموضوع في محاضرة عامة بجامعة الملك فيصل في الدمام، ثم جامعة الملك سعود في الرياض, بدعوة وتنظيم من قسم البنات. وفي تلك المحاضرة التي استقبلت بترحاب من مئات الحاضرات, بحثت وناقشت بتفصيل حيثيات عمل المرأة في أوضاعنا المجتمعية الخاصة سلبا وإيجابا، وقدمت مقترحات لتخصصات جامعية جديدة نحتاجها في كليات البنات والأقسام النسائية في الجامعات: مثل الخدمات الطبية والصحية المساندة, ومهارات مهنية في تخصصات مثل مهارات الحاسب الآلي وصيانته, ومهارات تشغيل الأجهزة المتطورة, وتحليل العينات العلمية الجيولوجية والصحية, وخدمات الترجمة, والتصميم. كلها يمكن أن تعمل بها النساء في مواقع مخصصة بعد التدريب والتخرج. والمطلوب اتخاذ قرارات رسمية وإجراءات تساعد في عمل المرأة وظيفيا. كانت ضمن الحاضرات المسؤولة عن ديوان الخدمة المهنية قسم السيدات ورحبت جدا بالمقترحات. وقد نشرت جريدة الجزيرة بمبادرة رائعة نص المحاضرة كاملة على صفحةكاملة وعبر هذه الصفحة وصلت فحوى المحاضرة الى الجمهور العام وبينهم مسؤولون في مواقع رسمية عليا.
بعد مدة قصيرة جاءني عن طريق جهة عملي في شركة أرامكورسالة رسمية موجهة من وزارة التخطيط للمسؤولين بأرامكوتطلب خمسا وعشرين نسخة من المحاضرة لتوزيعها على المحللين العاملين لديها على الخطة الخمسية القادمة آنذاك. وهكذا كان.! واعتُمِدَت كثير من المقترحات في الخطة مما أسعدني كثيرا، كما اهتم بنص المحاضرة المنشور في «الجزيرة», الباحثون المغتربون للدراسات العليا في جامعات أجنبية متخصصين في التربية والتنمية المجتمعية وذكروها في أطروحاتهم كمرجع معتمد.
الآن حين أجد الفتيات السعوديات يقمن ليس فقط بتسجيل المواعيد, بل وبتشغيل الأجهزة الطبية في المستشفيات مثل الأشعة والرنين المغناطيسي والعلاج الطبيعي وفحص الثدي، وينجحن في أعمال تقنية المعلومات وإدارة المكاتب وهندسة التصميم الداخلي أشعر بفخر أنهن يقمن بدورهن - كما تمنيت- في تطوير مستوى المجتمع.
منذ الثمانينيات قطعنا مسيرة طويلة في تعليم المرأة الى أعلى المستويات بينما مر مجتمعنا اقتصاديا بتحديات وتغيرات كبيرة جعلت عمل المرأة ضرورة اقتصادية أسريا ومجتمعيا، فنحن أسرع المجتمعات نموا عدديا بحيث يفيض عدد الفئة العالة على قدرة المعولين وكثير من الأسر لا يكفيها دخل عائل واحد. أوليس لها عائل ذكر. بدأنا وما زلنا نوسع مجالات تأهيل المرأة, وإتاحة الفرص لها للعمل, ونحدث الإجراءات, ونستكمل الإعداد لتمكين المرأة من العطاء والحضور في شتى مواقع الحياة العامة. ليس لإرضاء طرف خارجي بل لمواكبة احتياجاتنا المستجدة.
أتذكر كل هذا وأنا في طريقي لأشارك اليوم في الرياض في ورشة عمل تحت رعاية الأميرة عادلة بنت عبد الله تتناول موضوع «وزارة العمل ومشاركة المرأة» نظمتها وزارة العمل وبحضور معالي وزير العمل الأستاذ عادل فقيه ومسؤولين آخرين. أقرأ المرفقات التي أرسلت مسبقا لنقرأها استعدادا للمشاركة في ورشة العمل؛ ثلاثة قرارات حديثة أصدرتها وزارة العمل فيما يخص عمل المرأة:
1- قرار تنظيم عمل المرأة في محلات بيع المستلزمات النسائية.
2- قرار اشتراطات توظيف النساء في المصانع.
3- قرار آلية احتساب عمل المرأة عن بعد ضمن نسب توطين الوظائف. وأيضا.
4- الفصل الخاص بتشغيل النساء من نظام العمل.
و5- الفصل الخاص بالمرأة والأسرة من خطة التنمية الوطنية التاسعة.
أحمد لله: أصبحنا مجتمعا ومسؤولين نسعى مقتنعين وكفريق واحد لتفعيل كل طاقاتنا. ربما نستغني عن الاعتماد على الاستقدام.
اللهم زدنا تقديرا لنعمك, وقدرة على المشاركة في بناء غد مستقر.