هناك من الناس من أدمنوا الفساد، واصطبغوا به، وتلونوا حتى أن الفساد تحول لديهم إلى علم ومعرفة وسلوك وطريقة وعمل ولهو وعبث وانحراف وأهداف دميمة غير منطقية وغير مشروعة. لقد أجاد هؤلاء البعض من الناس لغة الكذب والتزييف والتلون والتشكل والابتزاز والاحتيال وقلب المفاهيم من أجل الوصول لأهدافهم الباهتة الصفراء ...
... حتى سقطوا في مستنقعات الفساد وحفره بقوة متناهية. إن للفساد عند هؤلاء أجندات ومحاور وطرقاً وإيماءات ومحسوبيات، مارسوا من خلالها أبشع أنواع الفساد وصوره، وجندوا أنفسهم وإمكانياتهم وقدراتهم، واستعانوا بالخبراء والمعاونين للعمل ضد النقاء والإصلاح والعمل الأبيض الجاد. لقد انحرف هؤلاء ودمروا النزاهة وأخلوا في عملية التنمية والتقدم والازدهار. إن هؤلاء البعض من الناس حتماً يكرهون انفلاق الصبح وعصافير الفجر ويحبون ظلام الليل الدامس بطيوره وخفافيشه وكهوفه، إنهم يحبون العبث والتعكير وإعاقة المسيرة، ويحاولون الإضرار بالروح والجسد والتربة والمادة. إن هؤلاء ليسوا أنقياء البتة من الشوائب المميتة ودائماً ما يسورون أنفسهم بأسلاك شائكة. إن لديهم تعقيدات أيديولوجية سامة، ويحاولون أن يعيشوا في بروج عاجية لا يدانيها أحد. لقد أدمنوا أفيون الفساد وحشيشه، واختلط بدمائهم حتى تحول لديهم إلى ما يشبه الغذاء اليومي. إنهم يحاولون السطو على الأحلام الجميلة ومصادرة الوردة والنبتة والياسمين وحقول البرتقال وعرائش العنب والحمائم البيضاء من أجل تحقيق مآربهم ومقاصدهم وأجنداتهم الخاصة المختلفة والمتباينة. إن للفساد والفاسدين واللصوص رائحة منتنة كرائحة الجيف ومواخير السفن وعوادم السيارات ودخان الحرائق وأكثر، ولهم أعمال تشبه أعمال الثعابين والثعالب وخلايا السرطان، ولهم وجوه متباينة ومختلفة لها تفاصيل متنوعة لكنها بائنة وواضحة لمن يملك خصلة الفراسة وحدة الذكاء. إن لهؤلاء شعوراً جامحاً ورغبة مفرطة وطموحاً عالياً في التملك والاستيلاء والاستحواذ دون وجه حق وعلى غير وجه حق لمجرد الجشع والطمع والأنانية وحب التفرد والزهو الباطل.. إنهم بفسادهم يشبهون الأوحال والأفيون والمستنقعات والخرائب العتيقة وعمل الديدان وخنافس الجعل، لكن علينا جميعاً من مبدأ الوطنية الحقة والشفافية والمكاشفة والحرص وعدم الإهمال وبعيداً عن الأنانية المنغلقة، ومن أجل وطن ناهض واعد عملاق ومجتمع صاف، أن نراقبهم بحدة، ونمارس عليهم التركيز، وأن نصدمهم ونهزهم ونفقدهم توازنهم حتى ينهاروا تماماً كما ينهار جبل الجليد حينما تشرق عليه الشمس الحادة، أو مثل تل الرمل الصغير حينما يجرفه السيل العالي متبوعاً برعد وبرق.
ramadanalanezi@hotmail.com