أن يهتم قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالأزمات وأوضاع الدول العربية الشقيقة التي يكاد ربيعها العربي أن يتحول إلى فوضى وضياع، فهذا واجب قومي وهو أيضاً مسؤولية تجاه الإقليم الخليجي، لأن كل ما يحصل في منطقتنا العربية سلباً أو إيجاباً يؤثر فينا، فعدوى الفوضى تنتقل للجيران إن لم تعالج، وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية يفرز تهديداً للأمن القومي والإقليمي فضلاً عن واجب رفع الضغط عن كاهل المواطن العربي والتخفيف عن أخيك المسلم شريكك في العقيدة والانتماء.
كل هذا مفهوم ومبرر، إلا أن طموحات أهل الخليج العربي تريد إضافة إلى ذلك اهتماماً بوضعنا الداخلي، فحتى لا تصل لنا عدوى «الفوضى العربية» لا بد من تفعيل الإصلاحات وتطوير الأنظمة والعلاقة بين المواطن وأجهزة الدولة، بحيث تبقى دول الخليج العربية كما هي مجتمعاً واحداً لا يمكن الفصل بين المواطن والنظام، فالمواطن هو ابن النظام، والنظام هو نتاج وخيار المواطن، والذي يعززه ويجسده البيعة التي يرتبط بها المواطن بالقائد.
الإصلاح والتطوير هو سنة الحياة فلا يمكن أن يحصل التقدم والرقي للأحسن إن لم تصلح أحوالك وتطور أدواتك الإدارية، وإصلاح أوضاع المجتمع والعلائق بين فئاته من خلال معالجة الأنظمة واللوائح التي تحدد آليات العمل بين تلك الفئات.
مراجعة الأنظمة التي تحكم العلاقة بين الدولة والمواطن، وتفعيل آليات العمل بين المجتمع والحكومة وإضافة وسائط جديدة ومؤسسات لإشراك أكبر عدد من المواطنين في صنع توجهات الدولة ومشاركة القيادة والمواطن، في تشكيل حاضر ومستقبل الأمة من خلال المشاركة في صنع القرار، هو ما يطلق عليه مجملاً بالإصلاح.
هذا الإصلاح المتزن المتوافق مع طبيعة أهل الخليج والتزامهم الديني والأخلاقي هو الذي يحصن دولنا ومجتمعاتنا من أية فوضى يراد بها إحداث تغيرات لصالح أجندات أجنبية تحت دعاوي الربيع أو غيرها من الشعارات التي نحن في غنى عنها إن بادرنا إلى إصلاح أنفسنا وأوضاعنا قبل أن تفرض علينا.
jaser@al-jazirah.com.sa