عادة، يتأمل المفكرون بثاقب بصائرهم المساحة التي يتحرك فيها الناس,..
فيبحثون عن إجابات مقنعة لأسباب غير ظاهرة لكثير مما تنقله لهم لوحة الواقع، للمحاسن، والمساوئ في السلوك العام..
وعن أسئلة دقيقة لعوامل تفشي السيء منها...
ولأنهم لا يتأملون فقط بل يفكرون، يُتحرى منهم أن تأتي أسئلتهم وإجاباتهم ملامسة، أو مقاربة..
فالمتعارف عليه، أن ثقافة الناقد للمجتمع هي جزء من تكوين تتراكم فيه، مفاهيمه، وقناعاته، وإدراكه، ووعيه، بل معرفته، وعلمه...
وعليهم تقع مسؤولية تثقيف المجتمع.., بالكشف عما يفترض أن تكون بصيرتهم قد رصدته..
لأن فساد الأخلاق بين الناس، يعود إلى عدم وجود ثقافة القيم لدى هؤلاء الناس،..
تلك الثقافة التي تقوم بدور المعيار للسلوك والتعامل، والتعبير، وأسلوب الكلام، ولغة الحوار..., بل طريقة الأكل, واللبس..,
وأيضاً لغة الفكر, والكتابة الأدبية، والتأليف، وأيضا التمثيل..
والحقيقة تؤكد أن ليس هناك من زمن مر بالإنسان، كانت فيه أخلاقه فاضلة لا يشوبها قصور في بعضه..,
أوكان سلوكه نموذجيا، لم يعتره نقص في أوجه منه..,
لكن، تلك مهمة..
مهمة الراصدين، الناقدين، السائلين، المجيبين..
والتنظير للأخلاق، لا يعفي عن التطبيق لها..
فهم أول من ينبغي أن يعتنوا بالتطبيق، في سلوكهم النظري والتطبيقي, أي الفكري والعملي، فهم من تسعد بهم البشرية، أو تشقى..
غير أن هناك هوة كبيرة في هذا الشأن..
كثر الناقدون المنظرون..
واستشرى فساد الأخلاق.. في أوجه كثيرة للسلوك..
وبلغت الثقافة بمعايير الأخلاق العامة بين الناس، بعداً كبيراً في هشاشتها..
حين تكون الأخلاق هي الإنسان.. وتأتي ثقافته عنها سلوكاً في فعله وقوله، وفكره، وحسه.