لم تكتف مدينة حائل بما قدمته من حسن ضيافة أهلها، وحرصهم على إسعاد (رب المنزل) الضيف الذي زارهم فوجدهم ضيوفاً وهو رب المنزل.
بل زادت على ذلك بكرم ثقافي حيث أهدى إليَّ بعض كتابها وأدبائها زاداً أدبياً من ثمار أقلامهم.
عدت من حائل إلى الرياض وفي حقيبتي رواية (مناهضون) في زمن الكبرتة للأستاذ ناصر الهواوي وهي رواية تقع في 198 صفحة مطبوعة بطريقة أنيقة على شكل مستطيل من القطع المتوسط، فيها معالجة أدبية روائية رمزية رمزاً مفتوحاً لا يستغلق على ذهن القارئ، وفي صفحة الإهداء إشارة إلى غايتها وهدفها حيث يقول بعد أن أهدى الرواية إلى التي عطَّرت حياته بعبيرها وجعلت صحراء فكره جنة غناء: سمعتهم يتحدثون عن النور، فقلت لهم: أين أجده؟ قالوا لي سر في ركبنا وسوف تصل إلى مبتغاك. سرت معهم سنين طويلة، قطعت فيها جذوري وهجرت أصولي وفي النهاية أدخلوني كهفاً مظلماً كئيباً، اكتشفت بعدها أنهم شموع كاذبة لا تُشع إلى الظلام.
هنا إشارة -كما نرى- إلى معاناة من يمكن أن نسميه بطل الرواية، مع أن أبطالها متعددون، وهي معاناة كبيرة مؤلمة شجية، لأنها أحرقت من سني عمر هذا المشتكي عدداً ليس بالقليل، وهي فترة الفتوة والشباب، قضاها منطلقاً إلى النور أو (التنوير) الوهمي الذي تدَّعيه تلك الفئة المشبعة بالأوهام والظلام، من هي تلك الفئة التي خدعت هذا المشتكي؟ في الرواية إجابة جلية عن هذا السؤال بأسلوب أدبي لا يخلو من بهاء الأدب ومتعته وأثره العميق في نفوس القراء.
يقول المؤلف ناصر الهواوي في آخر صفحة من روايته: عزيزي القارئ: أعتذر منك الآن، فأنا مضطر إلى التوقف عن هذا الحد، فلوحة المفاتيح الخاصة بحاسوبي، طلبت مني ذلك لأنني أنهكتها بكثرة الكتابة، لكن توقفي هذا لا يعني أن الرواية قد انتهت.. لا.. بل هي مستمرة وسوف يأتي في يوم من الأيام أحد أحفادي كي يكمل سطورها وأفكارها.. هذا إن أذن الله بذلك.
وأقول للأخ ناصر: لعل الله سبحانه يأذن في زمن حفيدك: بزوال ذلك الظلام وتلك الكهوف، وانطفاء تلك الشموع المعتمة فيكمل هذه الرواية بطريقة أخرى.
كما عدت من حائل وفي حقيبتي ديوان (نصوص) أدبية كتبها، أو لنقل: دبجها وحبرها الدكتور أحمد مهجع بعنوان (أنا والشمس)، وهو عنوان جميل مضيء، فإن مرافقة الشمس تعني السير في وضح النهار بعيداً عن الكهوف المظلمة التي تحدثت عنها رواية (مناهضة الآنفة الذكر).
لقد تم تصنيف هذا الديوان من قبل المؤلف بكلمة (نصوص على إطلاقها دون الإشارة غلى أنها شعر أو نثر، ولعله أراد أن يترك للقارئ المتذوق تصنيف هذا البوح الأدبي النفسي الجميل الذي ملأ ما يقرب من 86 صفحة من القطع الصغير، من مثل قوله: (تصدقت على شجون الوتر، ونسخت من حياتي جزاءات الآخرين، وأطعمت النظرة لقمة العشق، وأمطرت إعوجاج الضلع معاني الاستقامة، وهي معوجة في صدري ولكن، تجاه قلبي، من مثل هذه المقاربة الأدبية النفسية تتكون نصوص هذا الديوان الأنيق.
أما الضيافة الثقافية الثالثة فهي سلسلة زهور الوطن للأطفال، للكاتب الأستاذ عبدالرحمن اللحيدان، وهي سلسلة معنية بجوانب وطنية رسمية عرضها الكاتب عرضاً قصصياً مناسباً للأطفال، كما إنها تعنى أيضاً ببعض الجوانب الاجتماعية الممزوجة بحس ديني مضيء كما في قصة (نوف والذئب) والسلسلة تتضمن عدداً من الكتيبات الصغيرة مثل (الملك النابغة)؟ و(ولي العهد والبيئة) و(الأمير والحريق) و(الأمير الإنسان) و(الأمير المزارع) وغيرها من الكتيبات التي يبرز فيها الكاتب صوراً وطنية (سعودية) من خلال بعض المواقف لبعض الأشخاص.
شكراً أيها الحائليون على هذه الضيافة الجميلة.
إشارة:
وطني الذي احتضن الهدى وبنى عليه المسجدا