في حفل افتتاح الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين، كان للفن حضور، فلم يعد الفن تسلية أو دخيل غربي على ثقافتنا يُنظر إليه بدونية، مقارنة بالأدب وفنونه الذي ساد لآلاف السنين.. أصبح هناك قناعة بأن الفنون جزء هام من الثقافة وكان ذلك ماثلاً في تلك الليلة.
ومن خلال مشاركاتي وحضوري خلال السنوات العديدة الماضية لفعاليات وزارة الثقافة والإعلام المختلفة، استطيع القول بأني أتلمس التغيير، وهو ما يجعل كل مثقف بشكل عام ومنتمي لمجال الفنون التشكيلية على وجه الخصوص، يتفاءل بأن تؤخذ توصيات الملتقى في الاعتبار في المستقبل القريب.
ولكن مع ذلك لن تسلم الوزارة أو مناشطها من انتقاد التقصير، وإن كنا لا نتوقع الكمال، بل إن هذه الفعاليات التي يُستكتب فيها المتخصصون لا تقام إلا طلبا لرأي و مشورة يهدف القائمون عليها إلى تلمس وسيلة وطريق التغيير، أكد ذلك معالي الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة في كلمته الافتتاحية حين نادى بأن لا يتوانى المشاركون في النقد البناء بهدف التغيير الإيجابي، وإن كانت دوما تلك التغييرات في مواجهة مع صعاب وعقبات متنوعة، نتمنى أيضاً لها الزوال! من هذه الإشكاليات التي تتكرر في بعض المعارض لأسباب مختلفة، (وإن كانت ملاحظة بسيطة) غياب التعريف على أعمال الفنانين والفنانات المعروضة، وقد ألتمس لهم العذر بسبب العجلة، وضيق الوقت، ولكنها إشكالية لا يشعر بها سوى ذلك الفنان الذي يؤلمه رؤية نتاج فكره وعمله بل وجزء منه، وقد تم تغييبه أو فصله عن صاحبه أو مجرد تجاهل مصدره الإبداعي.
ومن ناحية أخرى تميز حفل الافتتاح بفقرة تكريم المثقفين السعوديين المتوفين، كان من بينهم الفقيد التشكيلي محمد سيام رحمه الله، والذي غاب عنا قبل فترة وجيزة، كان للفيلم المعروض حولهم تأثير نفسي ملموس على الحضور.
كذلك كان للحضور النسائي فعله المختلف، باستقطاب منى خزندار مديرة معهد العالم العربي في باريس، لتتحدث من على المنصة عن تجربتها وتربيتها وأثر عائلتها عليها فيما وصلت إليه.
وربما وكما أذكر دوما، تتربع على محاسن مثل هذه الملتقيات، اللقاء الفعلي مع هذه النخبة المتميزة التي يجمعها هم واحد وهدف واحد، وتكون النقاشات والحوارات بل وحتى التعليقات الجانبية ذات طعم مميز، وإن كنا نتذوق جزء منها في لقاءاتنا الافتراضية، إلا أنها لا تغني بأي حال عن هذا التجمع المتوهج.
msenan@yahoo.com