|
اعتدنا منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم في البلاد عام 2005 وميزانية الدولة تكون الأكبر كل عام في تاريخ المملكة العربية السعودية، ونستطيع بلغة الأرقام أن نرصد جوانب من حجم النمو الذي شهدته ميزانية المملكة على مدار السنوات السبع الماضية ففي عام 2005 وصل حجم الإنفاق السعودي إلى 364 مليار ريال، وبفائض مقداره 217 مليار ريال مقابل 246 مليار ريال في العام الذي سبقه 2004، إلى أن وصل الإنفاق العام في البلاد في عام 2011 إلى 804 مليارات ريال وهي الأعلى في تاريخ المملكة، مع تحقيق فائض قدره 306 مليارات ريال، وهي أرقام ضخمة يتم ضخها سنويا في شرايين الاقتصاد السعودي لتنعكس بالإيجاب على المواطن في هذه البلاد الطيبة، كما تم إقرار موازنة العام المقبل 2012 ليصل حجم الإنفاق إلى 690 مليار ريال مع التوقع بوصول الإيرادات إلى 702 مليار ريال أي بفائض 12 مليار ريال.
إن السنوات السبع من عهد خادم الحرمين الشريفين نستطيع أن نطلق عليها السبع السمان، وذلك بالأدلة الرقمية وليس بالكلام المرسل فخلال السبع سنوات من 2005 وحتى العام 2011 بلغ إجمالي إيرادات المملكة أكثر من 5,34 تريليون ريال، وسجلت فائضا تاريخيا في ميزانيتها تجاوز 1,73 تريليون ريال، ففي عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز دخلت المملكة عالم التريليونات بعد أن كانت عند حدود المليارات، فمداخيل العام 2011 بمفرده بلغت 1,11 تريليون ريال، هذه الأرقام كانت مقتصرة على الدول العظمى فقط، ولكنها أصبحت الآن جزءاً أصيلاً من اقتصاديات المملكة، وساهم هذا العهد الزاهر في جعل المملكة عضوا في مجموعة العشرين التي تضم كبريات الاقتصاديات في العالم، لتتبوأ مكانة متفردة بين مختلف دول العالم، لتسهم في وضع الحلول للأزمات الاقتصادية والمالية التي تضرب بعض التكتلات والدول الكبرى في العالم.
إن التريليونات التي دخلت انعكست على الجميع من حيث ارتفاع مستوى مداخيل الأفراد فضلا عن الاهتمام بالتعليم والتدريب لتأهيل الشباب السعودي داخليا وخارجيا ليناسب احتياجات أسواق العمل في البلاد حيث حظي هذين القطاعين بالنسبة الأعلى من الإنفاق من خلال إقامة جامعات في مختلف مدن المملكة وإرسال عشرات الآلاف من السعوديين للتعلم والابتعاث في الخارج والحصول على أعلى الدرجات العلمية للنهوض بوطنهم، تلاهما الصحة والتنمية الاجتماعية بهدف تقديم أفضل أنواع الرعاية الطبية للمواطن في هذه البلاد، بالإضافة إلى الخدمات العامة التي تسهم في تسهيل حركة وخدمة الناس، علاوة على ذلك كله قرار خادم الحرمين الشريفين الحكيم بإيداع مبلغ 250 مليار ريال من فائض الإيرادات في حساب مؤسسة النقد للإنفاق على عدد من المشروعات وفي مقدمتها مشروع خادم الحرمين الشريفين لبناء 500 ألف وحدة سكنية، هذه المساكن ستسهم في تحول ثقافة المجتمع الاستئجارية إلى ثقافة التملك، بحيث يصبح المواطن مالكا لسكنه، كما يسهم في زيادة معدلات نسب تملك السعوديين للعقارات في البلاد، بالإضافة إلى المشاريع الأخرى مثل قطار الحرمين الذي يربط جدة بمكة المكرمة والمدينة المنورة، والمشاريع التوسعية في الحرمين الشريفين، والمدن الاقتصادية. وأيضا تثبيت بدل غلاء المعيشة ضمن الراتب الأساسي ،وزيادة رأس مال كل من صندوق التنمية العقارية والبنك السعودي للتسليف والادخار، وضم الدارسين في الخارج على حسابهم الخاص ، وصرف راتب شهرين للمستفيدين من الضمان الاجتماعي ، بجانب رفع عدد أفراد الأسرة المستفيدة من الضمان الاجتماعي، ودعم بعض البرامج المساندة للضمان الاجتماعي ، وتوسيع الخدمات المقدمة من الرعاية والتنمية الاجتماعية وتطويرها ، وزيادة مخصص الإعانات التي تقدم للجمعيات الخيرية من الدولة.
إن مثل هذه الميزانيات وارتفاع معدلات الإنفاق في كافة القطاعات تحتاج إلى قطاع خاص قوي، وهو متوفر في المملكة من خلال منظومة متكاملة من الشركات والمؤسسات التي يمتلكها رجال أعمال سعوديون، استطاعوا أن يسهموا بشكل فاعل في بناء وطنهم باستخدام أحدث الوسائل الحديثة في العالم، كما أن بعض الشركات الوطنية أصبحت تحتل مواقع عالمية من خلال أعمالها في الداخل واستثماراتها في الخارج، حيث استطاع الخاص في نقل التقنيات والخبرات إلى البلاد أثناء تنفيذ المشروعات الوطنية. ونؤكد أن القطاع الخاص سيكون مستفيدا بشكل مباشر من حجم وفرص المشاريع الضخمة الجديدة بالميزانية والمقدرة بنحو 265 مليار ريال موزعة على مختلف القطاعات مما يتيح مساهمة أكبر لقطاع الأعمال، كما أن مؤشر النمو المتوقع بحدود 6.5 % يعطي تفاؤلا كبيرا بزيادة وتيرة النشاط الاقتصادي وأدائه خلال المرحلة المقبلة، كما يشكل ارتفاع مساهمة القطاع الخاص لنحو 48.8% للسنة الثالثة على التوالي وهو مؤشر جيد على زيادة دور القطاع الخاص السعودي والثقة في دوره في عملية التنمية الاقتصادية وما يمكن أن يساهم فيه من خلال المشروعات الجديدة في توفير فرص عمل للمواطنين لترتفع مساهمته في تشغيل الأيدي العاملة وتوطين الوظائف ليصبح البيئة الرئيسية للتوظيف خلال السنوات المقبلة.
وفي النهاية يأتي دور المسؤول ليجتهد ويحرص على صرف هذه الأموال التي رصدت له، كما يتوقع المواطنون، وكما هي رغبة خادم الحرمين الشريفين وأوامره الكريمة، بأن خدمة المواطنين وحل مشاكلهم ورفاهيتهم، أمناً وصحة وكرامة، هي من أولى أوليات الحكومة الرشيدة، كما يتعين أن تكون هذه الأرقام الضخمة، حافزاً للمسئولين للإخلاص وإنجاز مشروعاتها وأهدافها بدقة وتحلياً بمسئولية الأمانة، ووفاء بذمة المسئول نفسه، وبذمة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين اللذين نبها وحذرا وصرحا بأن حقوق المواطنين وتطلعاتهم هي أمانة لدى المسئولين، عليهم الحفاظ عليها وصونها وتلبية آمال المواطنين بأن ترتقي بلادهم إلى الصفوف الأولى في التنمية والعطاء والإنجاز والعمل.
رئيس الشركة العربية للعود