بعد الأحداث الأخيرة التي ذهب ضحيتها طفلان بريئان على يد أب كل منهما وبطريقة دموية بشعة، لا بد لأي عقل عادي أن يربط هاتين الجريمتين البشعتين بالظروف الأسرية والصحية السيئة للأسرتين والتي كانت سبباً في إزهاق روحيّن لا حول لهما ولا قوة ومن أقرب الناس لهما! فالتفكك الأسري، والنزاع بين الزوجين، والجو الأسري المتوتر بعد طلاق تعسفي، والطلاق بسبب إدمان الأب أو مرضه النفسي وما يلحق الأم وأطفالها بعد ذلك من مواقف ضاغطة لحياتها اليومية وتهديدات الأب بأخذ الأبناء منها لأنه أحق بهم! والخلافات على حضانة الأطفال التي قد تمتد لشهور وما يتعرض له الأطفال من مواقف صادمة لاستقرارهم النفسي! والشكاوي في المحاكم بسبب عدم نفقة الآباء كما يجب على أطفالهم! والعنف الأسري المؤدي للانفصال والنزاع على الأبناء وما قد يسببه كسب بعض الأمهات لقضايا الحضانة من غضب قاتل مسبباً للانتقام القاتل لدى الآباء! كل هذه القضايا المؤسفة التي تعصف بالأسر المفككة بحاجة لمدونة تحفظ حقوقهم الشرعية والإنسانية وفي أسرع وقت ممكن! فهناك أرواح بشرية بريئة يتم إزهاقها بسهولة تحت ملكية الأبوة الجائرة! فهذه الأحداث المبكية بحاجة لمدونة للأسرة تتضمن جميع الأحكام التي تخص كل ما يتعلق بحقوق جميع أفراد الأسرة من صغيرها إلى كبيرها، لأن نظام الحماية الأسرية الذي نطالب به من سنوات للأسف الشديد، ونظام حقوق الطفل ما زالا يدرسان في مجلس الشورى وبعيداً عن مشاركة الممارسين المهنيين لهذا العمل الإنساني الخطير، لذلك لن تكون هذه الأنظمة لوحدها كفيلة بحماية هذه الأسر من الأحكام التي يصدرها الكثير من القضاة باجتهاداتهم الشخصية خاصة عندما لا يمكن تحضير جميع أفراد الأسرة للتقاضي أمامه! وأتمنى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى خاصة تجربة وزارة العدل في المملكة المغربية بتقديمها «مدونة الأسرة» عام 2007م والتي تشمل كل صغيرة وكبيرة حقوقية لحماية الأسرة جميعها وليس قصراً على النساء والأطفال فقط! إنها مدونة حقوقية شرعية إنسانية وأسرية تساهم في نشر الثقافة الحقوقية للأسرة، وتساهم في مساعدة القضاة في إصدار الأحكام في مدة لا تسيء للمتضرر باعتبارها مرجعية قانونية يحتاجها جميع المهتمين بالمجال الأسري وما يعصف به من قضايا مؤسفة. وأمنيتي من واقع عملي مع حالات العنف الأسري تعاون وزارة العدل وهيئة حقوق الإنسان في الاستفادة من تجربة المغرب بإصدار مدونة مستمدةمن شريعتنا الإسلامية التي لا ترضى بالظلم والتعسف. مدونة تقدم هدية لكل قاض يعاني من ضغط القضايا المتنوعة بشكل يومي مما يسبب تأخر البت في القضايا الأسرية، أو تصدر بحقها أحكام زيارة أو حضانة تؤدي في النهاية لجريمة قتل كمثل ما تعرض له كل من طفل ينبع وطفل الشرائع!