دبت في جسده الناحل مظاهر صراع خفي ومؤذ.. كل عضو في جسده يثكل فاجعة فقده لعافيته، ويشي بالآخر سوء لمن سواه.. أقواها العقل كتبت له الجرأة أن يقول:
- ارحم نفسك، وارأف بأمري..
لكن على الطرف الآخر من معادلة حياته المضعضعة، لم يلو القلب المسكين على شيء، إذ ظل يسكب الأمل بقرب برئه، ويحيك خيوط وعد ممكن بخلاص قريب.
انتظار الضياء
الليل في مخاضه الأبدي يلد عادة في النهاية شمساً رشيقة تضيء قلوب الخلائق، وتشرق على المكان.. لكن عتمة الليل لا تلبث إلا أن يفاجئها الظلام الدامس، لتلد لنا الليالي قمراً رائقاً..
هروب الماء
بقايا قشور الطين الذابل على هذه الأرض السبخة توحي بانزواء الماء الذي ظل يقاوم رغبة في البقاء.. فالأرض الصدئة نصبت له مكيدة على هيئة أخاديد ابتلعته دون عودة.
داخل الأسوار
في مخابئ الجدران داخل أسوار المدن اللامعة قد لا تجد الأمان.. حتى وإن حاولت أن تفتش عنه بين أنقاض يومك.. لن تجدي المحاولات نفعاً.
الأمان.. ذلك المخلوق العجيب ستجده ذات مساء شارداً كوعل عفي وحذر يخب التخوم..
الجدران المائلة، توحي بمآل حتمي إلى السقوط، لكنها تعكس حال رغبة هرمة تتشبث بأهداب البقاء أطول مدة ممكنة في وجه نائبة قد تحيله في أي لحظة إلى أنقاض وركام.
غدر الأشواك
للأشواك جلد عجيب على تقمص دور المحارب الشرس عن تخوم أرض تغرس فيها جذورها، وتكفل لها البقاء، لكنها وبرغبة حذرة تخز وبدربة متقنة كل من يطأ لها على طرف ولو من بعيد.
عيون وآذان
أعجب ساعة أن يأخذ المدير إجازته، ويترك عيونه وآذانه هنا وهناك في الإدارة لتتلقط الأخبار، وتحقق في النوايا وتتفحص الطوايا.
عينه من قبيل موظف مخاتل يتربص بمن حوله الدوائر، وإذنه ساعٍ يحيك حبائل أحاديثه ليظفر بما يريده المدير من حكايات تسند قواه في الإدارة.