يشتكي كثيرٌ من المواطنين من انتشار العمالة السائبة في الشوارع والميادين، مما يهدّد الأمن ويساهم بتفشي الجريمة، فضلاً عن المظهر غير الحضاري لتلك العمالة الرديئة التي جلبتها النفوس الأنانية ممن تفكر في مصلحتها الشخصية دون النظر لمصلحة الوطن.
وفي حين كان الجميع يتطلع لقيام وزارة العمل بضبط تلك العمالة السائبة، وإصلاح وضعها؛ ومعالجة قضايا الهروب من الكفلاء؛ إلا أن الوزارة أكَّدت في كل مناسبة أن وضعها نظامي، حيث تم استقدامها من لدن مواطن أو شركة ولديها عقود عمل قانونية، ويحمل العامل إقامة سارية المفعول، ويتسلّم رواتبه بانتظام، وليس بينه وبين الكفيل مشاكل عمالية. ولكن الواقع أثبت أنهم عمالة متستر عليها ينتشرون في الشوارع ويتلقون الناس لقضاء احتياجاتهم. فهم يمارسون جميع الأعمال المهنية سباكة وكهرباء ونجارة وبناء وهدم بالإضافة للقيام بأعمال الديكور والدهانات المختلفة برغم عدم كفاءتهم لأنهم عمالة غير مدربة فتتعلّم وتتدرب على حساب الناس! وطالما كانت سائبة فإن حق المواطن ضائع، وهو يلجأ لهم بسبب تدني أسعارهم وتوفرهم أي وقت.
ولأن الأمر وصل لذروته، والخطر وصل لمراحل متقدّمة لا سيما حالات الهروب والتستر، حيث تكاثروا وصاروا يشكلون عبئاً اقتصادياً وأمنياً على الدولة؛ لذا تحركت أخيراً وزارة الداخلية لتعديل يهدف لحل المشكلة والتعامل مع تلك العمالة بصورة نظامية، بعد انتهاء هيئة الخبراء مؤخراً من دراسة تعديلات على نظام العمل، ومشروع قواعد التعامل مع الوافدين من مخالفي الأنظمة، حيث تنص تعديلات المادة 39 من نظام العمل على تولي وزارة الداخلية ضبط وإيقاف وترحيل وإيقاع العقوبات على المخالفين من العاملين لحسابهم الخاص أو ما يُعرف بـ(العمالة السائبة) في الشوارع والميادين، والمتغيبين عن العمل من كفلائهم بـ(الهروب) وكذلك أصحاب العمل المتواطئون، والمشغلون لأولئك والمتسترون عليهم والناقلون لهم، وكل من له دور في المخالفة.
وأسند التعديل لوزارة العمل التفتيش على المنشآت، والتحقيق في المخالفات التي يتم ضبطها من قِبل مفتشيها ومن ثم إحالتها إلى وزارة الداخلية لتطبيق العقوبات المقرَّرة بشأنها.
ولعل هذا الإجراء يخفف من المشكلة أو يقضي عليها تماماً حينما تتضافر جهود وزارتي الداخلية والعمل. وينبغي ألا يغيب المواطن عن المشاركة بالدور الحيوي الذي ستقوم به الوزارتان، سواء الكفيل الذي يستقدمهم وينثرهم بالشوارع ويطالبهم بالأتاوة الشهرية في متاجرة بالبشر بشكل صريح وفاضح، أو المواطن الذي يستأجرهم وهو بذلك يساهم دون أن يدري أو ربما يدري بأنه يؤصّل الخطر في بلاده، ويزيد من معدل البطالة لأبنائه.
وحتى لا يفد لوطننا إلا العمالة المدربة والمتخصصة، ولكي تخلو شوارعنا من تلك العمالة التي تشوّه المعاني الإنسانية التي تتسم بها بلادنا؛ فإنه يجدر التعاون بين الوزارات المعنية والمواطن، بحيث يتم التبليغ عبر خط ساخن لأية عمالة سائبة تجلب الدمار والخطر لبلادنا.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny