تخيّلت بأنّ إحدى الجمعيات المهتمة بشؤون الأُسرة لدينا خصّصت دورة هي الأولى من نوعها بعنوان (فش غلّك) للأزواج المُحبطين، والمقبلين على (الطلاق) على غرار تلك الدورات الخاصة بتأهيل العرسان قبل الزواج..!.

دورة (فش غلّك) هذه تقوم فكرتها على تعبير الزوج عن كلِّ ما بداخله تجاه زوجته دون مقاطعه، أو جدال..!! فمن حقه أن يصرخ وينتقد ويبرِّر ويعاتب ويعدِّد الأسباب التي تجعله (يطلق) ويستعرض ما قدّمه تجاه زوجته من أعمال وتضحيات، يعني يفش غلّه (بحق وحقيقة) ويقول ما لا يستطيع قوله أمام زوجته في الحقيقة، التي لو سمعت هذا الكلام لتقمّصت دور (بني عبس) ولجعلت منه فارس (بني ذبيان) ولأشعلت فتيل (داحس والغبراء) من جديد..!.

بعد هذه الدورة يعود الزوج إلى (بيته) وزوجته، وهو أكثر هدوءاً بعد أن استمع لحزمة من النصائح النفسية والحلول المقترحة من المتخصِّصين ليبدأ (بالحوار) بشكل أكثر تعقُّلاً وبدون (فش غل) هذه المرة، وهذا ينطبق على الرجل والمرأة لتجنُّب الطلاق لعلّ الله أن يحدث بعد ذلك أمرا..؟!.

للأسف معظم حالات الطلاق التي تمّت في المجتمع وتلك الأرقام المرتفعة والمخيفة، تؤكد العديد من الدراسات أنه كان بالإمكان تجنُّبها، لو كان هناك (إصغاء بين الزوجين)، وتعقُّل في الطرح والتفاهم من الطرفين..!.

لو سألت معظم الرجال والنســــــاء المنفصلين عن تجربتهم، ولو أنّ الزمن عاد بهم (للوراء)، أعتقد أننا سنجد أنّ (نسبة كبيرة) ستفضِّل التريُّث وحلِّ تلك المشكلات بعيداً عن خيار (الطلاق)، وأنّ الانفصال تمّ بسبب (مشاكل هامشية) أو عناد أو عزّة نفس أو ... الخ، مع غياب (المرشد) أو صاحب الرأي الرشيد والمصلح الذي يتدخّل للعلاج في تلك اللحظة..!.

المشكلة أنّ معظم الجمعيات اليوم تهتم بدورات (قبل الزواج) ومن النادر أن تكون هناك (برامج متخصّصة) قبل الطلاق، إذا ما استثنينا الدور الخجول لبعض الجمعيات، وجهود لجان (إصلاح ذات البين) والتي يكون الوصول إليها بعد أن يكون الأمر قد حُسم من الطرفين..!.

نحن في حاجة لوضع خطط (للمتزوجين الشباب) وكيف يمكن دعمهم نفسياً لتجاوز تلك العقبات والصعوبات التي لا تستحق أن تكون سبباً في الطلاق، بل هي (مشاكل زوجية) يمكن تجاوزها والتعايش معها..!.

وعلى دروب الخير نلتقي.