يختلط علينا الأمر بين الصاحب والصديق، فالأصحاب كُثر ولكن علينا اختيار الصديق الحسن، لأن عينه عليك وروحه فداك، وهو معك أين كنت، يهتم لشأنك، فيفرح لك ويحزن معك، فاحرص على أن يكون صديقك من صدقك لا من صاحبك.
طيبُ الأخوةِ أم خلاقٌ أطيبُ
هل كل شيء في الحياةِ مجرّبُ؟
كل الجواهرِ إن تحلّت زينةً
والكوكبُ الدرّيُ منها المأربُ
كم من شقيقٍ لم تلدهُ أمُّنا
والحب منهم ماؤهُ لا يَنضبُ
فصداقةٌ بين الأخوةِ نُورُها
شمسٌ تُضيء نهارَنا وتُغرِّبُ
إن الصَداقةَ في الحياةِ جميلةٌ
والناسُ منهم مُبغضٌ ومقرِّبُ
فاظفر إذا رُمتَ الصديقَ بماجدٍ
وأحرصْ على مَن بالمروءةِ مُشْرَبُ
وابعد عن النذلِ الحقيرِ خَلاقهُ
فهو المسيءُ وفِعلُهُ لا يُرغبُ
فالغدرُ طبعُ الحاسدين وشرّهم
كالضبعِ شُؤمٌ إن رأيتَ ومُرعبُ
كم من زميلٍ قد أساءَ صداقةً
أما الصّديقُ فصادقٌ ومؤدبُ
ومن الصحابِ منافقٌ متلونٌ
يَهوى الوشايةَ والخلافُ يُسبِّبُ
لكنّ بعض الحاقدين سِهامهم
ليلاً تُراشُ وفي الصباحِ تُصوَّبُ
حَملت من الحقدِ البغيضِ سُمومُه
كالنارِ تحرِقُ ما تَطالُ وتُرعبُ
والظنُّ إثمٌ بعضُه مُتجذِّرٌ
بين الصحابِ ومَن وَشى فمُعذّبُ
فاحرص على حسنِ الصداقة والتُّقى
لا لا تكنْ مُسْتعجِلاً فتأنَّبُ
فالأصدقاءُ قلائلٌ في عدِّهم
والنافخُ الكيرِ الخبيثِ تَجنَّبوا
فعليك مَن مِنهم قليلٌ ماله
فهو الذي وإن انتجعتَ مُهذَّبُ
أما المليءُ فلا يراك صديقَه
فكثيرُ مالٍ حوله مُترقِّبُ
لا تبتئس من صاحبٍ فزمانُنا
الكذبُ أصبح كالمفاتنِ تَجذِبُ
أنظرْ إلى صحبِ الحبيبِ مودَّةً
صِدِّيقهم وكذا الأمينُ ومُصعبُ
الكلُّ منهم رُوحُه لصديقِهِ
ماتوا عُطاشاً وهو أضحى يشربُ
يا قمةَ الإخلاص ِ فيهم والنُّهى
كانوا على نهجِ البرِّيةِ دُرِّبوا
هذا النبيُّ محمدٌ خيرُ الأُولَى
فخَلاقُة القرآن وهو مُرتَّبُ
ما كُلّ من ذكرَ الصداقة صادقاً
فالصدقُ رايتُه الوفاءُ مُعرَّبُ
يا حاملَ المسكِ الحكيمَ بِنُصحِهِ
فهو الصديقُ وما سِواك فيُحجَبُ
يا صاحبي إن قُلت أنّك صاحبي
لا تكذبنّ وهل يطول المَهْربُ؟
لا تأمنَ الصحبَ الذين وَصفتُهم
احذرْ فمنهم جائرٌ ومكذِّبُ