الإنسان عندما يَكْبر ويغزو الشيب رأسه يُطلق عليه شيخ، أي شاخ جسمه. فترى، هل تشيخ مشاعره؟ أم تكبر مشاعره مع تقدم العمر؟ المشاعر الإنسانية تتمثل بما يشعر به الإنسان، وعلى سبيل المثال (حب وكره وغضب وحزن وفرح وشقاء).. إنها مشاعر تتحكم بنا، وتظهر على ملامح وجوهنا، ويقرؤها مَن حولنا إذا كانوا يعرفون لغة الجسد أو لغة العيون. هناك أمهات وآباء تجاوزوا سن التسعين من العمر، يخافون على أولادهم وأحفادهم، ويحبونهم، ويداعبونهم.. إنه النضج العاطفي؛ فالمشاعر لا تشيخ، بل تنضج مع تقدم العمر.
خلف أسوار دار المسنين أو دور الرعاية الاجتماعية هناك قصص وروايات عن قتل المشاعر الإنسانية من فلذت أكباد، هان عليهم التخلص من آباء وأمهات، قال الله تعالى عنهم في مُحْكم كتابه إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . تُرى، هل مشاعرنا تمر بفصول أربعة أم هي متجددة باقية ما دام القلب ينبض بالحياة؟ ليس هناك خريف للمشاعر الإنسانية؛ فهي دائماً تعيش فصل الربيع، لكنها تتعرض لرياح وسموم، تغيِّر نضارة ألوانها.
للأسف، هناك مَن يتجاهل مشاعر كبار السن؛ ربما للجهل، أو عدم إدراك مشاعرهم، أو للعقوق.. إنها تُخْلف جروحاً كبيرة لا تندمل، وتبقى طوال الزمن.
في حياتنا اليومية نفتقر للتعامل مع مشاعر كبار السن، وهناك مَن لا يراعي تلك المشاعر التي تنزف دماً حين تُخدش، لكن هل من مدرك؟ أتمنى ألا نصل إلى ما يُسمى بعيد الأم؛ إنه مأساة وتدمير لمشاعر الأم؛ نحن نحتفل بأمهاتنا في كل يوم.
المشاعر الإنسانية لا تشيخ؛ أفكارنا هي التي تشيخ حين نظن أن المشاعر الإنسانية تشيخ.