أحدثت المملكة العربيَّة السعوديَّة الصدمة الدبلوماسية المطلوبة لتحقيق تغيّرات إيجابيَّة على الساحة الدوليَّة، فالرفض السعودي لمقعد مجلس الأمن الدولي غير الدائم، أوضح للجميع أن مجلس الأمن الدولي ليس المكان الملائم، وليس الوحيد لحلِّ المشكلات الدوليَّة، فالدول الخمس الأعضاء الدائمة حوّلت مجلس الأمن إلى مجلس إدارة للحفاظ على مصالح الدول المنتصرة في الحرب العالميَّة الثانية، أما مقولة الحفاظ على الأمن والاستقرار، فهي قول غير دقيق إلا إذا حصرنا الأمن والاستقرار بمناطق نفوذ أعضاء مجلس إدارة أزمات العالم، بل إن هذه الدول التي اغتصبت (حق الاعتراض) على قرار دولي لا يتناسب مع مصالحها فإنّها عملت على تدمير الأمن والسَّلام العالميين، إِذْ لا يخفى على الجميع أن زرع الكيان الإسرائيلي في قلب الوطن العربي هو تدمير من تلك الدول التي قسمت مناطق العالم بمناطق نفوذ وقد عملت بريطانيا وبتواطؤ مع فرنسا ومن ثمَّ بعدها الولايات المتحدة الأمريكية على أولاً التمهيد لمنح فلسطين لليهود في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، ثمَّ توسعت الهجرة اليهودية إبان الاستعمار البريطاني، وبعد انتهاء الحرب العالميَّة الثانية تقاسم البريطانيون والفرنسيون المنطقة العربيَّة وقسموها بينهم وكان من ضمن (حصة بريطانيا) فلسطين التي سلّمت لليهود، وبعد ذلك أكملت أمريكا المهمة حيث تعمل على تصبح فلسطين أرضًا كاملة لليهود، وأن تحصر فلسطين في قطاع غزة، هكذا ستُؤدِّي عمليات الاستيطان الإسرائيلي الذي ابتلع أراضي فلسطين في الضفة الغربية، الذي مدّته الحصرية الأمريكية على المسيرة السلمية بزعم حل القضية الفلسطينيَّة، الغطاء الذي مكّن الإسرائيليين أن يواصلوا ابتلاع الأرض الفلسطينية دون أن يوقفهم أحد في ظلِّ الدعم اللا محدود من قبل الأمريكيين الذين يرفضون التخلي عن حصرية حل القضية الفلسطينيَّة رغم تدميرهم لهذه القضية بانحيازهم السافر للإسرائيليين والضغط على الفلسطينيين والعرب وحتى من ينحاز للحق ويعمل على مساعدة الفلسطينيين لنيل حقوقهم الشرعية.
ولهذا واستثمارًا للصدمة السعوديَّة التي جعلت كثيرًا من الدوائر السياسيَّة الدوليَّة تراجع مواقفها وتعمل على تغيير تعاملها وحتى تحالفاتها على الساحة الدوليَّة ومن هنا علينا كعرب أن نستثمر هذه الفرصة أولاً لكسر حصرية أمريكا للسيطرة على مسيرة السَّلام في الشرق الأوسط، وأن البداية بإصلاح الرباعية المكلفة بتحقيق السَّلام في الشرق الأوسط وتغيير مبعوثها المدعو توني بلير الذي يُعدُّ سفيرًا للكيان الإسرائيلي في هذه الرباعية التي لم تفعل شيئًا لهيمنة أمريكا عليها، وعليه فإنّه إن كان لا بُدَّ من وجود الأمم المتحدة التي لا حول لها ولا قوة والاتحاد الأوروبي الذي يتبع أمريكا في كلِّ شيء فإنّه ولتعزيز وتقوية هذه الرباعية يجب المطالبة بضم الهند والصين والبرازيل إضافة إلى بقاء روسيا، لتكون سباعية قوية مؤثِّرة، فإلى جانب أمريكا لتتواجد الدول النامية القوية الهند والصين والبرازيل وبوجود روسيا يحصل توازن بين هذه الدول وأمريكا وأوروبا، وإذ تحجج الأمريكيون بعدم موافقة إسرائيل على هذه التوسع لنرفض رباعيتهم ونتجاوز عن (حصرية أمريكا)، التي لا تريد سلامًا بقدر ما تريد فرض إسرائيل الكبرى على العرب.!!