بداية، لا بد من الإشارة إلى أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم يكن منذ العام 1990 تحديدا، أكثر من أداة سياسية بيد الولايات المتحدة، أو مكتب تابع للخارجية الأمريكية، فهو المجلس الذي لم يصوت على أي قرار إدانة لإسرائيل، على سبيل المثال، حتى حينما كان العالم بأسره يقف ضد مخالفاتها للقانون الدولي، فقد كانت الولايات المتحدة تمتنع عن التصويت ضد إدانتها، هذا اذا لم تستخدم الفيتو، ولا أعتقد أن أي أحد سيعارضني فيما لو قلت: إن المجلس لا يمكن أن يمرر أي قرار لا ترغب أمريكا بتمريره، أو الوقوف ضد أي قرار يريد له العم سام أن يمر، ودعوكم من المماحكات التي تمت فيما يتعلق بالثورة السورية، ووقوف روسيا والصين ضد الإرادة الأمريكية في مجلس الأمن، فقد قلنا حينها إن ما يجري في مجلس الأمن لا يعدو أن يكون أكثر من لعبة أممية محبوكة بين اللاعبين الكبار، وقد تبين صدق هذه القراءة، فكيف تم ذلك؟!
بعد أن هدد اوباما بضرب سوريا، ووقفت بوارجه على بعد أمتار من سواحل سوريا، وبدأ الناس يستعدون لحرب أمريكية، لا تبقي ولا تذر، على نظام بشار، استيقظنا في اليوم التالي على تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي تحدث عن امكانية التعامل مع الملف السوري سلميا، ثم وخلال أيام معدودات، احتفل الخصوم الألداء!، الروس، والأمريكيون على موافقة بشار الاسد على تدمير أسلحته الكيماوية، ولم نلتقط أنفاسنا حتى فازت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بجائزة نوبل للسلام، أو إن شئت الدقة فاز بشار الأسد بالجائزة، فلولا موافقته على تدمير الأسلحة الكيماوية، ما استطاعت هذه المنظمة دخول سوريا!، وماذا بعد عن هذا المجلس العتيد؟!
هذا المجلس التابع للأمم المتحدة - والتي تسنم شؤونها ذات زمن بعيد سياسيون من العيار الثقيل، من وزن السويدي، داغ همر شولد (1953 - 1961)، والنمساوي،كورت فالدهايم (1972 - 1981) - كان له صولات، وجولات في الساحة العالمية الملتهبة حينها، وانتهى به الأمر لأن يكون تحت ادارة ساسة، من شاكلة خافيير دي كوبيار (1982-1991)، وكوفي عنان (1997 - 2006)، واللذان لم يكونا أكثر من سكرتارية لوزراء خارجية أمريكا، ومندوبيها لدى الأمم المتحدة، وأخيراً، فمجلس الأمن - المذكور- هو الذي لم يتحمل الوقفة الإنسانية للأمين العام السابق للأمم المتحدة، بطرس غالي، مع ضحايا اسحق رابين في مجزرة قانا، فقد تم عقاب غالي بحرمانه من التمديد لفترة ثانية، وذلك لأنه تعاطف مع الأطفال الذين مزقتهم صواريخ اسرائيل إربا، وطالب بقرار حازم ضد اسرائيل، وهنا كتب نهايته بنفسه، حيث لم تشفع له كل أعماله الأخرى بالبقاء!، ومن ذا الذي سيتجرأ، ويقف ضد الإرادة الأمريكية في هذا المجلس؟!، ولعلي أتحدث عن قرار المملكة بالاعتذار عن عضوية المجلس في مقال مستقل.