في يوم 26 أكتوبر الماضي الذي قررت فيه بعض التجمعات النسائية قيادة السيارات داخل المدن وحذرت وزارة الداخلية من التظاهر والتجمعات، سادت لغة حوارية نابية وغير مهذبة من بعض أطراف المجتمع عبر التواصل الاجتماعي من وصف وتعليق ورسوم وجهت للنساء الراغبات بقيادة السيارة ومست عموم النساء، ممن تعرضن للتوبيخ والتسفيه هن من القيادات النسائية في مجالهن من: الأكاديميات والعاملات في المجال الطبي والصحة العامة والشؤون الاجتماعية والقانون والهندسة والصيدلة والحاسب وسيدات أعمال وموظفات في مناصب حيوية واستراتيجية، وربات بيوت وأمهات لأطباء ومحامين وقانونيين ورجال أعمال ووجهاء في المجتمع وأساتذة في التاريخ والعلوم الطبيعية والتطبيقية، ولم يكن مقبولاً أن يتم وصفهن بهذه الألقاب وتجريدهن من الأخلاق والفضيلة والشيم والكرامة. أوصاف بذيئة دلت على انخفاض المعيار الأخلاقي لدى البعض في أول مواجهة اجتماعية كان سيتم إيقافها بأساليب أكثر تحضراً ورقياً عبر الحوار والمناقشة، ليس أقلها أن المجتمع ليس مستعداً في هذه المرحلة لتقبل أو الموافقة على قيادة المرأة للحفاظ على السياج الاجتماعي، أو لعدم جاهزية الجيل الحالي لأمر قيادة السيارات.
قد تأتي وجهات نظر أخرى أكثر سخونة تتعلق بالإسكان وتحسين الأوضاع الاجتماعية والتمايز الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء، وشهوة النفوذ الوظيفي واستغلال المناصب، وانتشار الفساد الإداري لأن المجتمع قد لا يبقى محايداً، وسيكون له موقف من السلوكيات الخاطئة التي يراها مضرة باقتصاده المحلي, كما اعتقد الأغلبية بخطورة قيادة المرأة للسيارة في الوقت الراهن. أيضاً قد يبدي المجتمع في مرحلة من المراحل رأيه تجاه البطالة أو التجميد الوظيفي أو الأخطاء الطبية أو ارتفاع الأسعار وتوسعة الفارق بين التجار والمستهلكين، فهل ستكون المعالجة أو ردة الفعل بطريقة 26 أكتوبر؟. أي بممارسة هؤلاء لصلاحيات رجل الأمن وتوجهات الجهات المسؤولة.
استنفار البعض من أفراد المجتمع وخروجه عن لباقة الحوار والسعي إلى تطبيق الأنظمة بروح انتقامية وصورة اقصائية للآخر مؤشر خطير. نحن نخاف على المجتمع أن (يطفق) وتكون لديه طفرة مفرطة تجاه تطبيق الأنظمة أو وقف المخالفات بنفسه وعبر إرادته، أي أن يتحول إلى (شرطي) يعاقب الآخرين ويسمح لنفسه بتطبيق اللوائح ووقف من يراهم متجاوزين.
لابد من إعادة قراءة أحداث يوم 26 أكتوبر والممارسات التي صاحبتها من المجتمع وما كتب في مواقع التواصل الاجتماعي من عبارات مشينة وبذيئة وعلو الصوت والتسلط دون مبرر، حتى لا تأتي النتائج عكسية على التوجه الحضاري من الجهات الأمنية والرقابية والتخطيطية في تعاملها مع قيادة المرأة للسيارة التي دعت لقيادة السيارة تحت غطاء الرأي العام، خاصة إذا نظر هؤلاء على أن هذا التوجه ليس في صالح بعض فئات المجتمع التي سيطرت على خطاب الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.