لا يهم رأيي في مسألة قيادة المرأة للسيارة، وهو الأمر الذي لم يعد يشغل بال الكثيرين، كما كان الأمر سابقا. هذا، ولكنه ملف كثر الحديث حوله داخليا، وخارجيا، ويذكر كثير ممن عاصر تأسيس تعليم البنات أن ما يدور حول هذه القضية خلال السنوات الماضية، كان شبيها بما دار حول قضية تعليم البنات منذ خمسة عقود، وكلنا يعلم أن من عارضوا تعليم المرأة حينها قد انتهى بهم الأمر إلى تعليم بناتهم، بل بالغ بعضهم في ذلك، وأصبح يبحث عن أي دالة في سبيل الحصول على فرص وظيفية أفضل لذويهم من السيدات، ويلاحظ المتابع أن معارضة قيادة المرأة لم تعد بذات الحدة التي كانت عليها قبل سنوات قليلة، وفي تقديري أن تخلص بعض العلماء من سطوة الأتباع، إضافة إلى ما يتم تداوله عن جرائم السائقين الأجانب، كان لهما دور كبير في حرف وجهة نظر الرأي العام حيال قيادة المرأة للسيارة.
وعلى هامش هذا الموضوع الحيوي، أدلى كل بدلوه، وهناك شبه اتفاق على أن أمر القيادة مسألة اجتماعية محضة، وكان ممن شارك في هذه الحفلة الصاخبة، الفنانة أحلام، التي وقفت موقفاً حازماً ضد قيادة نساء المملكة للسيارة، وأحلام -غفر الله لنا ولها- تعتبر مثالاً صارخاً لكل إنسان يعيش على الهامش، ثم يجد نفسه فجأة تحت أضواء الشهرة، وبريق الإعلام، دون أن يكون هناك سند معرفي، وبعد ثقافي يسند مثل هذه الشخصية الهامشية، التي تصبح شخصية عامة على حين غرة من الزمن «المنكوس»، وللفنانة أحلام أشباه كثر في كل مجال، ومن يتابعْ بعض أدعياء الوعظ الجدد -على سبيل المثال- يرَ عجبا، فسطوة الإعلام تجعل بعض عتاة الفكر يفقدون توازنهم، فما بالك بالهامشيين، الذين بينهم، وبين الفكر مسافات ضوئية.
حسنا، لا ندري ماذا تخبئ الأيام، ولكننا نؤكد أن مشاركة بعض سطحيي الفكر في القضايا المعقدة أصبح أمرا ملاحظا بشدة خلال الفترة الماضية، وما صرحت به أحلام يدخل في هذا الإطار، ولها أشباه كثر من الفنانين، والفنانات، فهؤلاء يدغدغون مشاعر العامة باللعب على أوتار المشاعر الدينية، ويؤكد علماء النفس أن هؤلاء لا يجدون راحة فيما يقومون به من عمل، ولذا فهم يعيشون تحت ضغط نفسي رهيب، وعندما يتلبسون بالدين، ويتقمصون دور الوعاظ فإنهم -حسب علماء النفس- يحاولون التكفير عن أعمالهم التي يرون أنها من المعاصي، ولئن كان ما يفعلونه مفهوما، فإن تمكنهم من الضحك على السذج أمر محير، إذ لم تكد أحلام تدلي بتصريحها العظيم حتى تلقفه العامة، وبعض الخاصة من الدعاة، وشكروها على حسن صنيعها، بل إن أحد أشهر الدعاة تناسى نقده لها فيما مضى، وأشاد بها كما لم يشد بأحد من قبل، وغني عن القول إن ما قامت به أحلام يدخل في باب «أحب الصالحين، ولست منهم»، وما زلت أتساءل: «إذا كان أحد يحب الصالحين، فلماذا لا يكون منهم، فهل من مجيب؟!