يُعتَبر لقب «الرئيس التنفيذي» مغلوطاً؛ فمهام الرئيس التنفيذي - وأي مدير في الواقع - لا تقوم بكلّيتها، أو حتّى في أساسها، على التنفيذ.
ولو طلبتَ من مسؤولين تنفيذيين ناجحين أن يصفوا ما يشغلهم على الدوام لحصلت على قائمة من ستّ مهام مستقلّة فعلاً:
* التبصّر، أو تحديد إطار للتحديات في مواجهة أعمال شركتهم.
* التخطيط، أو استحداث حلول محتملة لجميع المسائل المتناوَلة.
* اتخاذ القرارات، أو الالتزام بمسار عمل محدد.
* شرح المنطق الذي أدى إلى هذا الالتزام، وتقديم التوقعات المشروعة لأصحاب الشأن حول النتائج التي سيتم تحقيقها، وكيفية التنفيذ، والمكافآت التي يسمح النجاح في التنفيذ بمنحها.
* التنفيذ؛ إذ يتم تكريس كلّ القوى لتنفيذ القرارات، إلى حين الحصول على نتائج، في عملية تنتهي بتوزيع المكافآت.
* التقييم؛ إذ يعمل المرء على تقييم الإجراءات المتبعة لاستحداث رؤية، والنتائج التي تم التوصل إليها، والمكافآت التي تمت توزيعها، إلى جانب البحث عن الأخطاء التي ربما تم ارتكابها، وعمليات التصحيح والتكيّف الضرورية؛ كي لا تتكرر الأخطاء في المستقبل.
لا شكّ في أنّ قلّة فقط من المسؤولين التنفيذيين تبرع في هذه المهام. علماً بأنّ مفتاح رصد المواقع التي تتطلّب تحسينات أكثر من غيرها يكمن في طرح السؤال الآتي على المسؤولين التنفيذيين: ما هو أكبر تحسُّن تتمنّى أن تراه، يكون على صلة برئيسك وزملائك، ضمن فريق الإدارة التنفيذية الذي تنتمي إليه؟
تختلف الأجوبة عن هذا السؤال، إلا أنّ نمطاً مشتركاً ملحوظاً يجمع بينها: فالواقع يفيد أولاً بأن التنفيذ هو من الأنشطة المرصودة الأقل ارتباطاً بالموضوع. ويتناقض هذا الجواب تماماً مع شكوى تُسمَع على الدوام في أوساط الرؤساء التنفيذيين، الذين يفيدون بأن أكبر صعوبة يواجهونها على صلة بالتنفيذ! ثانياً، يكمن القسم الأكبر من الأجوبة (بنسبة تفوق عادة 70 إلى 80 في المئة) في الخطوات الأربع الأولى. ثالثاً، يكمن أكبر مصدر إحباط لدى المسؤولين التنفيذيين ضمن «فريق الإدارة العليا» في اتخاذ القرارات وتقديم شرح.
وتكشف هذه الأسئلة ما يريده المسؤولون التنفيذيون من رئيسهم التنفيذي ومن إدارتهم العليا: اتخاذ قرارات واضحة ونقلها إلينا، مع كل ما تتضمنه من منطق وتداعيات. ثقوا بنا، وادعمونا، ودعونا ننفّذ؛ إذ إن التنفيذ من أسهل الخطوات على الصعيد الإداري، متى تم تحديد إطاره بالصورة الملائمة، ونتج من تحفيز مناسب ومن استعدادات حثيثة. وهكذا، لن يبقى علينا، في ظل هذه الظروف، إلا أن ننفّذ ما اتفقنا عليه في اجتماعاتنا.
وبالتالي، تُعتبر لغة الأعمال المستعملة في أوساط الإدارة العليا مشكلة، فهي ترسي النشاط التنفيذي (والعقلية التنفيذية) بالتحديد في الأماكن البعيدة عن التحدّي.
ولا يكمن الهدف في استبدال لقب سيئ بلقب آخر مبهم جزئياً، بل أكثر برصد طابع الازدواجيّة في صميم الوظيفة التنفيذية، التي تتطلّب تولي مسؤولية أفعال أقدم عليها آخرون في معظم الأحيان، أثّر فيها تحديد إطار (غير مكتمل على الدوام)، مع ظهور حاجة إلى تكييفات (غير مكتملة بدورها) نتجت من تنفيذ غير مكتمل. ومن المعلوم أن الرؤساء التنفيذيين لا ينفذون بقدر ما يؤثرون في عملية التنفيذ، من خلال تحديدهم لإطار التنفيذ، واتخاذ القرارات، التقييم.