نووي إيران تحت وصاية الغرب!

الصفقة لم يحن وقتها بعد، ما حدث هو اتفاق مبدئي عمره 6 أشهر فقط، الهدف منه اختبار نوايا إيران ومتابعة سلوكها، عبر هذا الاتفاق النووي مع الغرب (الدول الست).

صحيح أننا اليوم أمام عالم متغير، لكنه ليس متغيراً في أهدافه الدولية لمنع طهران من الحصول على السلاح النووي، والتغير فقط في التكتيك (الطريقة والآليات).

نحن هنا أمام دولة عملت على تطوير برنامج لمدة 10 سنوات، وجوعت شعبها، وحاصرها المجتمع الدولي اقتصادياً، وأنفقت مليارات الدولارات من ثروتها، وها هي اليوم سلَّمت واستسلمت.. ورضخت للغرب و(الشيطان الأكبر)، لتخفيف محدود مقابل هذا الاتفاق المبدئي، الذي يضعها تحت مراقبة دقيقة.

تذكر، تدمير لبنان عام 2006، ثم تسليم الكيماوي السوري من قبل، والآن تقديم كل المنشآت النووية الإيرانية تحت الرقابة الغربية المطلقة، هي نماذج من انتصارات المقاومة والممانعة الكاذبة، التي تسوقها على أنه انتصار أو انصهار في القوى الدولية، وهو لا يتجاوز إلا محاولة التخريب أو البقاء.

نعم، ليس انتصاراً لإيران كما يروج، بل هو استسلام إيراني أمام ضغط اقتصادي كاد يفقد النظام المتورط في أكثر من معركة وأزمة خارجية توازنه، وهو اتفاق لمراقبة دولية لصيقة لحسن سلوك إيران خلال الأشهر الستة القادمة، بعدها يقرر العالم!

الاتفاق المبرم بين مجموعة الدول الست (الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، بريطانيا، الصين وألمانيا) وإيران في جنيف مهم وجيد مؤقتاً، وتنفيذه سيجري على مراحل. وإيران خلاله ستجمد برنامجها النووي، ولن تضيف أجهزة طرد مركزي جديدة، ولن تقوم بأي خطوات تتعلق ببناء مفاعل “آراك” للماء الثقيل، وسيكون خاضعاً للمتابعة الكاملة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وستجرى مباحثات مكثفة لاحقة للتوصل إلى اتفاق نهائي حول تلك المعايير التي ستحتاج إليها إيران لنشاطها النووي السلمي.

فالاتفاق مؤقت، وسيوفر الوقت والمجال لمحاولة التوصل إلى حل شامل كما يريد الغرب، لا كما تطمح طهران.

- على ماذا ستحصل إيران إذن..؟

الحقيقة أن الغرب أنقذ النظام عبر هذا الاتفاق، فالأزمة الحادة كادت تطيح به، استسلمت طهران أمام الغرب وإن قالت عن الرضوخ انتصاراً!

فقد شملت وثيقة وزعها البيت الأبيض في واشنطن بشأن الاتفاق المؤقت أنه سيتم تخفيف العقوبات مقابل تعليق بعض جوانب برنامجها النووي مثل:

- احتمال حصولها على عائدات تبلغ 1.5 مليار دولار من التجارة في الذهب والمعادن النفيسة، وتعليق بعض العقوبات على قطاع السيارات الإيراني وصادرات من البتروكيماويات.

السماح ببقاء مشتريات النفط عند مستوياتها الحالية المخفضة بشكل كبير، وسيسمح بتحويل 2.4 مليار دولار من هذه المبيعات على أقساط إذا نفذت طهران التزاماتها..!

لكن لنتذكر أن المزيد من العقوبات وأكثرها قسوة ما زالت قائمة كما أعلن الرئيس الأمريكي “بصفتي رئيساً وقائداً سأقوم بما هو ضروري لمنعها من السلاح النووي، مع الاستمرار في تطبيق العقوبات الأقسى”. فالمعلن مما حصلت عليه طهران لا يتجاوز كونه تخفيفاً اقتصادياً محدوداً، مع مراقبة حرة. وزير الخارجية الروسي أكد أن “الوكالة الدولية للطاقة ستتوسع في مراقبة البرنامج النووي الإيراني، وأن طهران وافقت على عدد من الإجراءات الإضافية”!

هي مرحلة محددة لاختبار النوايا بعد فشل المفاوضات السابقة، وفي الوقت ذاته هي مهلة أخيرة قبل اللجوء إلى القوة لكبح جماحها، متى ما ثبت العكس!

فالغرب أصبح وصياً على إيران وبرنامجها النووي.. وهي تحت المراقبة الآن بالكامل.. لكن لا تتوقع أن تقول لك طهران إنها استسلمت، حتى وإن خمنت أن الغرب يكذب!