لا أدري ما السبب الذي يجعل المواطن السعودي، غير معني كثيرا بصحته، وغير معني بجودة طعامه، كما لا أعلم لماذا الإعلام الصحي مقصر في التثقيف الصحي، طالما لدينا هذه النسبة الكبيرة من السمنة، وأمراض السكر، وأمراض القلب والكولسترول، والدهنيات، ولماذا لا ننظر إلى الأبناء الذين يزدادون وزنا في أعمار مبكرة، فيما يشكل ذلك عبئا ماليا على الأسرة والمجتمع والوطن.
لماذا هناك جملة من الأمراض صديقة للسعوديين؟ هل هي ضريبة التخمة والوفر المالي؟ أم إننا في ثقافتنا التقليدية نحب الراحة، وقلة الحركة، ولا نؤمن بأن حرق الدهنيات، والرياضة هي سر الحياة والراحة البدنية، ترانا نهبط من الطائرة إلى السيارة، ومن السيارة إلى المجلس ومن السيارة إلى المنزل وإلى المكتب، فمتى نتحرك.
عندما يدهمنا المرض لا سمح الله، نبدأ رحلة العذاب ورحلة العلاج، ونبدأ نلوم انفسنا على الإفراط في الطعام، ونشتري من الأجهزة الرياضية عدداً كبيراً، وفي الأخير لا نستخدمها إلا قليلاً، ما سر هذا الهدر المالي؟ وهذه الفوضى، وهذا الفشل في إدارة نظام حياتنا الصحية، خاصة أن التقارير تشير إلى أن نحو 80% من الأمراض تنجم مباشرة عن تلوث الأغذية، والمعلبات والمواد الحافظة والمسرطنة.
ننفق الملايين للعلاج ذهاباً إلى مستشفيات الداخل والخارج، رغم أن الحل السحري موجود بين أيدينا وهو الغذاء الصحي، والطبيعي الخالي من الدهنيات، لكن للأسف أن بعض منا أدمنوا الوجبات السريعة، لدرجة أن البعض بات لا يأكل في المنزل إلا ما ندر، والبعض من أصيب بأمراض السمنة، وظهرت عليه علامات الخلل الهرموني، ترى لماذا لا يكون لدينا حرص حقيقي وتوعية حقيقية على صحتنا وغذائنا؟
كيف يمكن البعد عن هذه الأمراض، وخاصة السكر الصديق المزعج جدا لبعضتا؟ وتفادي الأبعاد المالية والاقتصادية لهذا المرض، فقد أصبح السكر يهدد البعض منا، ويكلف الاقتصاد الوطني الكثير ويستنزف ما يعادل 4 مليار ريال في كل عام، حيث يوجد أكثر من 70% من المصابين بالسكر في المملكة، وغالبيتهم يتحملون تكاليف هذا المرض من أموالهم الخاصة، في ظل ضعف الخدمات الطبية لدينا، وتزامنا مع اليوم العالمي للسكر والاحتفال بالتقدم الذي تم إحرازه، نسأل الله أن يحفظنا وإياكم من هذه الأمراض وأن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين.
الوقاية خير من العلاج، والقيمة المالية لأمراض المواطنين المتعددة بارتفاع مدهش، وتكاليف عالية حيث تشكل بعض الأمراض ضغوطا على عصب القرار الصحي، والبنية التحتية والخدمية، وعلى جيب المواطن، واقتصاد الوطن، الذي يدخل في دوامة الفحوصات المتعددة، واستغلال مالي فاحش تقوده بعض المؤسسات الطبية الخاصة، مما يتطلب إعادة النظر بجودة المستوصفات والمستشفيات الحكومية، والخاصة في بلادنا.
السواد الأعظم من السعوديين يعتمدون على الكربوهيدرات في طعامهم مثل الأرز والخبز حيث أصبحت هذه الأغذية تمثل 90% من أطعمة المواطنين، وأصبح المواطن لا يستطيع حماية نفسه ويجهل مكونات الوجبة التي يتناولها، كونها تعد خارج المنزل، لذا فالمسؤولية تقع على عاتق صناع الغذاء والدواء، ووزارة الصحة، ووزارة التجارة، وحماية المستهلك، وأمانات المدن، فيفترض أن يكون هناك تعاون لحماية المستهلكين، ومنتجات غذائية طبيعية ذات جودة ومواصفات عالية.
لا بد من التوعية الصحية ضمن حملة إعلامية متكاملة، حيث فقد الطب لدينا جانبا من أصالته عندما أصبح من أجل كسب المال (بزنس) فقط، فبعض الأطباء أصبحوا شركاء في هذا الجانب لدعمهم منتج طبي يجري تجربته والدعاية له، رغم فشله في بلد المنشأ، لذا يفترض التنبه لهذا الأمر، وإنشاء (جمعية وطنية للتثقيف الصحي)، تركز على توعية المواطنين، وعدم التسليم لتجار الطب، ومستودعات الأدوية، ومتاجر الأطعمة المعلبة والفاسدة والمجمدة.