في مدينة الرياض المكتظة بالبشر والحافلات، لا تنفرج أزمات السير حتى مع إعادة افتتاح الطرق والشوارع التي كانت تحت الإصلاح والتطوير والتوسعة أو افتتاح طرق جديدة للتخفيف من الزحام في الطرق القائمة. وعندما تم منذ فترة قريبة تدشين الجزء الجديد والجميل من طريق العروبة الذي يخترق القاعدة الجوية بدا الطريق مثل لوحة فنية رائعة، وهو لا يزال بالطبع كذلك لأنه جديد رغم أن جدته لم تشفع له من تعديات المتهورين.
هذا الطريق تسلكه، من اتجاه الشرق، وأنت في غاية الاستمتاع بالانسيابية التي يتميز بها، وبالتصميم الجميل والألوان الجذابة والتشكيلات الفنية المتنوعة. لكنك قد تسلكه في أوقات الذروة، فترى الازدحام وكل مظاهر الفوضى التي اشتهرت بها طرقنا وشوارعنا.
بالأمس سلكتُ طريقَ العروبة في وقتٍ ظننت أنه مناسب لأنه لم يكن من أوقات الذروة، وبعد قليل كانت لوحة ضوئية تبرز وتنبه السالكين: «انتبه.. أمامك حادث»! ثم بدأت أرتال السيارات تزحف ببطء حتى توقفت تماماً.
بالطبع الحوادث تقع، ولكن عندما تقع في طريق جديد واسع جداً ذي مسارات كثيرة، وعندما يتكرر ذلك كثيراً، فإن الأمر يكون لافتاً جداً. وقد كنت، بالمصادفة، عائداً للتو من الهند ذات الكثافة السكانية المليارية والطرق الجبلية الضيقة المتعرجة فتذكرت إنني لم أصادف حادثاً مرورياً واحداً طيلة رحلتي التي شملت عدة مدن وكانت بالسيارة وليست بأي وسيلة نقل أخرى!.
ما فائدة هذه الطرق الواسعة التي تخترق مدننا طولاً وعرضاً إذا كان مَنْ يقودون السيارات لا يلتزمون بقواعد وأنظمة السير ومادام رجال المرور لا يقبضون على المخالفين. لا غرابة أن تقع كل هذه الحوادث وأن تكون الفوضى العارمة هي السمة المميزة لشوارعنا الواسعة العريضة طالما أن المخالف لا يخشى العقاب.
أخيراً، ما الذي يجعل شوارعنا الفسيحة الحديثة تنافس شوارع الهند وغير الهند في زحمتها وفوضاها وتتفوق عليها في نسبة الحوداث بالرغم من ضيق شوارعهم ورداءتها؟.
لاشك أنه الإنسان الذي يجلس خلف مقود السيارة، وكذلك الإنسان الموكول إليه معاقبة المخالفين. فلا هذا يلتزم بقواعد المرور ولا ذاك يهتم بمعاقبة المخالف، ولذلك «انتبه.. أمامك حادث»!!.