يبشرنا الملياردير الأمريكي «بيل جيتس» مؤسس شركة مايكروسوفت العملاقة أن الفقر سيختفي تماماً من على وجه الكرة الأرضية بحلول عام 2035!
شكراً لـ«بيل جيتس» على هذا الكلام الطيب الذي يرفع المعنويات، فما يحدث في العالم من عنف وإرهاب وحروب ومجازر لا يبشر بخير بل يدفعنا نحن سكان كوكب الأرض إلى المزيد من التشاؤم، ولهذا تأتي بشارة «بيل جيتس» في زمن تنخفض فيه المعنويات كثيراً وحتى لو لم تتحقق بشارة الرجل تظل مثل نسمة منعشة تهبط على عالم مختنق يغرق في مصائبه ومآسيه.
في أزمنة سابقة قال باحثون وعلماء مثل العالِم سيئ الذكر «مالثيوس» إن العالَم سوف يواجه ندرة قاتلة في الموارد الاقتصادية، وسوف يتطاحن البشر من أجل الاستحواذ على الموارد القليلة المتاحة، ولن يكون هناك منقذ سوى الأمراض والحروب فهما الثنائي الذي سوف «يشطب» ملايين البشر من وجه الأرض لكي يتمكن باقي سكان الأرض من العيش على الموارد الاقتصادية المحدودة!
ثم جاءت التقنية لتُكَذِّب نبوءة مالثيوس ومعتنقي أفكاره، فقد استطاع البشر زيادة الموارد الاقتصادية ورفع كفاءتها من خلال الاختراعات والاكتشافات.
وقد زاد عدد سكان الأرض منذ زمن مالثيوس أضعافاً مضاعفة ولم تنقص الموارد بل زادت هي الأخرى حتى فاضت عن احتياجات البشر.
الواقع أن المشكلة ليست في نقص الموارد بل في «سوء التوزيع»، وهذا يصح على المستوى العالمي بين الدول مثلما يصح داخل الدولة الواحدة وداخل المجتمع الواحد.
وقد كانت عدالة توزيع الدخل واحدة من القضايا العويصة التي تصدى لها الاقتصاديون، لكن المشكلة كانت دائماً تكمن في «الأيديولوجيا» التي ترى أن من الطبيعي أن يموت بعض الناس من شدة الفقر في محيط من الثراء.
لقد استطاعت قوانين العمل أن تُحَسِّن دخل ملايين البشر بعد أن ترسخت تلك القوانين عالمياً بالتدريج بعد الثورة الصناعية التي شَهِدتْ عذابات الطبقة العاملة في أوروبا، فكانت النتيجة مفيدة للجميع إذ إن تحسُّن دخل العمال أدى إلى زيادة استهلاكهم للسلع والخدمات التي ينتجها الأثرياء.
باختصار، وبرغم البشاعات التي تحدث في عالم اليوم، فإن نبوءة «بيل جيتس» يمكن أن تؤخذ على محمل الجد وليس فقط لرفع المعنويات، بشرط أن يسلم العالم من شرور أهل السياسة وأهل الأيديولوجيات.