القرضاوي مُفجّر الأزمات بين دول الخليج
استدعت وزارة الخارجية الإماراتية أمس سفير دولة قطر فارس النعيمي وسلمته مذكرة احتجاج رسمية بسبب هجوم شنه الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على الإمارات من خلال منبر أحد مساجدها وعبر التلفزيون الرسمي لدولة قطر، وعدته أبوظبي تطاولا عليها كما جاء في خبر تناقلته وكالات الأنباء.
وهذه هي المرة الأولى التي تستدعي فيها دولة خليجية سفيراً لدولة خليجية أخرى وتسلمه مذكرة احتجاج. وإجراء كهذا يُشير في العرف الدبلوماسي إلى أن العلاقات بين الدولتين وصلت إلى مرحلة التأزم.
والقرضاوي يحمل الجنسيتين، جنسيته المصرية والجنسية القطرية. واللافت للملاحظة أن هناك صورة متداولة لجواز القرضاوي القطري، جاء فيها أن محل ميلاده (قطر)، رغم أنه من مواليد قرية (صفط تراب) مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في مصر. والسؤال: هل يجوز للدول المانحة للجنسية أن تُغير مكان الميلاد إذا منحت أحداً جنسيتها؟
كما أنه من أشهر أساطين جماعة الإخوان المسلمين، والداعمين لها بكل قوة. وهو كذلك من أوائل من حولوا منابر الجمع إلى مهاترات سياسية، ودعاية حزبية، خاصة في دول الخليج. وقد سبق له أن أقحم منبر مسجده في مواقف مناوئة للمملكة والإمارات والكويت عندما وقفت الدول الثلاث في مؤازرة الشعب المصري ضد الإخوان. كما أنه قبل أشهر زار الكويت بدعوة من الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية لحضور مؤتمرها السنوي الرابع؛ لكنه غادرها بعد ساعات قليلة من وصوله، دون أن يحضر المؤتمر الذي دُعي إليه؛ وشاعت آنذاك على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت أنه أبلغ من قبل السلطات الكويتية أنه شخص غير مرغوب فيه فرحل. كما أن القرضاوي يحمل - أيضاً - جواز سفر فلسطيني منحته إياه الحكومة المقالة في غزة عند زيارته لغزة إبان حكم الإخوان، الأمر الذي أثار غضب السلطات الفلسطينية في الضفة، واعتبرت رام الله أن هذا تلاعباً بالجنسية الفلسطينية وبقانون التجنس الفلسطيني من قبل حماس؛ حيث أن السلطة المقالة في غزة لا تملك الحق في منح هذا الجواز، وبذلك يكون جواز القرضاوي الفلسطيني جوازاً مزوراً.
وهناك أنباء شبه مؤكدة أن الأزهر الشريف في مصر بصدد تجريده من شهاداته العلمية الأزهرية بسبب مواقفه التحريضية ضد بلده التي نشأ وتربى وتعلم فيها ثم أدار لها ظهر المجن؛ وهي سابقة تاريخية أقدمت عليها مشيخة الأزهر مرة واحدة في حق الشيخ «علي عبدالرازق» عندما أصدر كتابه الشهير (الإسلام وأصول الحكم). وإذا صدر مثل هذا القرار في حق القرضاوي يكون هو الثاني تاريخياً ممن جُرد من شهاداته العلمية الأزهرية.
والقرضاوي يعشق المناكفات والجدل وإثارة الصخب والتصريحات النارية؛ إضافة إلى أنه (تاريخياً) أول من افتئت على شريعة الإسلام وأباح ما يُسمى بالعمليات الانتحارية بعد أن سماها (العمليات الاستشهادية)؛ ثم تبعه في الفتوى بها بقية مشايخ الحركات المتأسلمة الأخرى ممن خرجوا من تحت عباءة جماعة الإخوان. ومعروف أن بدعة الانتحار هي بمثابة قطب الرحى للعمليات الإرهابية التي يعمل العالم من أقصاه إلى أقصاه على محاصرتها ومحاصرة تفشيها بين عوام المسلمين، ورغم ذلك لم نرَ من الأمريكيين أي ردة فعل سلبية تجاه القرضاوي؛ ما يطرح كثيراً من الأسئلة عن سبب سكوت الأمريكيين عنه، وهم على مرمى حجر من منزله في الدوحة.
هل يستطيع القرضاوي أن يستمر في تصعيده على بقية دول الخليج غير عابئ بردود الأفعال الغاضبة، أم أنه سيرعوي ويلتزم بالأعراف الدبلوماسية، خاصة وأنه يحمل جواز سفر دبلوماسياً قطرياً، وينقل خطبه المنبرية كل يوم جمعة التلفزيون القطري الرسمي؟..
الأيام القليلة القادمة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.
إلى اللقاء.
