الذي يحدث في مصر وسوريا اختصرته طفلة في العاشرة بقولها: «مصر بتعيط بالضبط زي سوريا بتموت»..!!
وهناك من يجزم بأن «الشرير بوش» لو كانت سُّدة الأمر بيده لأباد العباد والبلاد في المدن المحترقة من العالم الواهن..
طاولات الساسة وطيس من الأجندات, والمفاوضات, ومختلف الآراء, تعج بحفيف ورقها, وقرقعة أكوابها.. وفي صدور من على مقاعدها عشرات الضحكات، والنوايا، والمضمر, والشخصي, المفرح, والمغتاظ, المتربص، والمغتنم.. تطبخ داخلهم عشرات الوجبات, بكل أنواع البهارات المخمرة بعجين رؤاهم, وتوجهاتهم، وأغراضهم..و..و..
ولما يزل العالم في قبضةٍ رخوةٍ.. والناس تصطرع, بين جائع يتضور، ومقهور يتلمظ، وعارٍ تائه, وذي حاجة يستذل لقمته.. وكساءه.. وبينهم الفاقدون، والجرحى, والثكالى..
ولأن الحيرة تعقدت، وتدوَّمت فجرفت المتفكرين فيما آلت إليه جملة أحوال البشر في العالم «الثالث».. فقد تمدد طابور متسولي الرحمة..
في جهة أخرى، النهر لا يزال عذباً, والبحر تعيش فيه مقدراته, وينعكس عليه ضوء القمر للسامرين العازفين على أوتار جراحِهم شكواهم وهي تذهب مع موجة، وتذوب مع تنهيدة..
لا تزال القبُّرات تبني لصغارها, وتغرد بجمال صوتها, والطيور تأوي لأعشاشها, والفرَّانة توقد للأرغفة, والأفواه تلتقمها.
لا تزال الناس تتزوج، وتنجب, وتفرح، وتبكي, وتشاهد المسلسلات..
«تقزز اللب»، وتتابع « آرب آيدل»، و»ذا فويس», وتلاحق جوائز «أغا» المذهلة سخاء، واستدراجاً:
«بيت، وسيارة, وكاش»..!
والوتيرة على مدارها تتحرك..
العالم العربي يموج هلاكاً كما لم يحدِّث في نفسه بمثيل..
المجرمون وحدهم من تمادوا في هذه الغفلة، وعلى الملأ..
تسلطوا على الأبواب فنزعوها, هربت الراحة, وتلاشى الاطمئنان..
وعلى النوافذ فحطموها فدخل الغبار، والريح جفف الندى, ونزع المستقر في الصدور السليمة..
المجرمون قطعوا على البشر في هذا العالم طرق سعادتهم فغدوا ينتزعون شَعَراتها من كتل الخوف, والقهر، والقلق..
حقبة من الزمن بدلت طعم السعادة في أفواههم..
استبدلتها بثرثرة طويلة..
وغوغاء مقيتة..!!..