هل نحن لا نفهم أمريكا..؟، هل لا نفهم كيف تفكر أمريكا..؟
أم أن مشكلتنا تبدو مع تبدل مصالح واشنطن. أم هي مع الديمقراطيين كحزب وفلسفة؟
أم هي أقرب لقصة أوباما وحلم التغيير، نعم نستطيع yes we can..، لكن الحقيقة أنه لم يستطع بعد دعم مشروع الإسلام السياسي الإخواني من قطر إلى تركيا وليبيا والعجز في سوريا، والتراخي واستجداء إيران للمصالحة.. والضياع في اليمن، وفقد القدرة في تحريك السلام المأمول،كل الملفات التي تعني المنطقة تقريباً بشكل مباشر وغير مباشر.
وفيما كان الرئيس الروسي فلاديمير يستكمل رسمياً عملية ضم القرم إلى روسيا، بعث باراك أوباما برسالة مصورة للشعب الإيراني، قال فيها إن هناك فرصة للتوصل لاتفاق نووي مع طهران إذا اتخذت خطوات يمكن التحقق منها تطمئن الغرب إلى أن أغراض برنامجها النووي سلمية بحتة..!
وفيما عاد صراع الأقطاب عالمياً في مجلس الأمن عبر تلاسن وتبادل كلمات مفرطة في القسوة وبعيدة عن الأعراف الدبلوماسية حول القرم بين مندوبي أميركا وروسيا، طلبت مجموعة بارزة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وضع إستراتيجية جديدة تجاه سوريا.
وطلبت الرسالة من إدارة أوباما إعادة النظر في سياستها، «مع أن الخيارات أصبحت أكثر تعقيداً»، في إشارة إلى أن لجنة الخارجية فوّضت للرئيس الأميركي استعمال القوة خلال الصيف الماضي لمعاقبة النظام السوري على استعماله الأسلحة الكيمياوية.
وفيما يغازل الرئيس إيران في برنامجها النووي، لا يأتي أبداً على ذكرها فيما يخص العراق أو سوريا مثلاً، حيث لا خطوط حمراء تستحق الثقة.
أعضاء مجلس الشيوخ انتقدوا بشكل غير مباشر السياسة الحالية للإدارة الأميركية مع دعوة لوضع سياسة «تكسر حال المراوحة على الأرض، وتسمح بالدخول في حل سياسي يكون أيضاً مخرجاً لبشار الأسد من السلطة»، واعتبرت الرسالة أيضاً أن بشار الأسد خسر كل شرعيته، وعلى الإدارة الأميركية أن تمهّد لهذا المخرج.
من القرم وبوتن القوي أو الحازم.. ثم سوريا حيث وصل الموت إلى رقم قياسي، واللاجئون إلى رقم تاريخي في صور حية تُنقل مباشرة للضمير العالمي مقابل رعاية روسية للنظام، وصولاً للفوضى الليبية العارمة.. سيبقى أوباما أول رئيس أفريقي الأصل يجسد الحلم الأمريكي قي الخيال لا الواقع.
حيث يبدو الرئيس مكتفياً بهذا الإنجاز، وسط مشهد صاخب في تحول مسارات الإدارة الحالية عبر السعي لكسب الأعداء حلفاء، وخسارة الحلفاء.
في كل مرة أقابل مستشاراً/باحثاً/محللاً أمربكياً للشرق الأوسط أشعر باستغراب من التسطيح للمنطقة، وكنا نعتقد دائماً أنه تسطيح ساذج ومقصود، لكن لا يمر وقت حتى نفهم من النتائج أن خلل الاستيعاب من بعد لواقع المنطقة كبير، أو هو ليس إلا مقامرة مستمرة، أو تجارب غير ناجحة للسياسات الأمريكية فهماً ومعنىً وحضوراً، من العراق إلى لبنان وسوريا واليمن والبحرين، ومحاولة خسارة أو تجاهل مصر والسعودية!
بل يمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك، حيث نشهد اليوم في إدارة هذا الرئيس سقوط هيبة أمريكا، وصحوة -ربما- من خيالات الحلم الأمريكي. ما يفعله أوباما ببساطه أنه يجعلنا نفهم جيداً أن أكبر قوة في العالم ليست بذلك الوهم الذي نتخيله بالضرورة.
صحيح أن أمريكا تملك أهم الإمكانيات العلمية والمعرفية والتقنية العصرية، صحيح أيضاً أنها الأقوى حضوراً جغرافياً في الكون، لكن هذا كله لا يعني السياسات الراهنة ونتائجها في شيء.
حيث لا يمكن لانطباع جيد في صالة عرض سينمائي أن يجعل العالم كله يتحرك طواعية خارج سياقه أو مصالحه..