من المؤكد؛ أنني تأخرت في طرح أسئلتي على الرئيس الأميركي (باراك أوباما)، الذي كان ضيفاً على بلادي في الأسبوع الفارط، ولكني أعتقد أن القرية الكونية التي تجمع بين شرق الأرض وغربها، تبدد البعد الزماني بين أسبوع وآخر، مثلما هي تبدد البعد المكاني بين قطر وآخر، وأن أسئلة من مواطن عربي؛
يعرف جيداً تقاطع السياسات، وتشابك المصالح بين دولته وإقليمها من جهة؛ وبين الولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى، منذ ثمانين عاماً، هي أسئلة تعبر عن هموم ومخاوف وعدم ثقة كذلك، وأنها تدخل في صلب العلاقات الأميركية العربية.
سيدي الرئيس: هل بالضرورة أن يكون لبلدكم عدو خارجي على الدوام، لكي تنعموا بالأمن والاستقرار في الداخل..؟ وإذا لم تجدوا هذا العدو المناسب..! فهل أنتم فعلاً- كما يقال عندكم- بارعون في صناعة هذا العدو..؟
سيدي الرئيس: بتفكك الاتحاد السوفيتي سنة 1989م، انتهى عصر الحرب الباردة بين الشرق والغرب، وغاب العدو (الفزّاعة) في أوروبا وآسيا وأفريقيا، فهل ما جرى بعد ذلك من صراعات بين الدول في أكثر من مكان؛ ودخلت بلادكم طرفاً فيها؛ كان إرهاصاً لخلق أعداء جُدد..؟
سيدي الرئيس: بعد الهجوم الإرهابي على برجي التجارة في نيويوك في 11 سبتمبر 2001م، أعلنت بلادكم الحرب على الإرهاب، وشاركناكم هذه الحرب المقدسة على القتلة، فبلادنا اكتوت بالإرهاب أكثر من بلدكم، ولكن الكثير من السلوك السياسي وحتى العسكري لبلدكم بعد ذلك، يوحي لنا- بكل أسف- أنكم تجعلون الإسلام في موازاة الإرهاب، أو هو العدو البديل للاتحاد السوفيتي، وهذا بطبيعة الحال غير صحيح، ولا يتفق مع مبادئ ديننا الحنيف، ولا حتى دينكم، فهل تقبل أن يقال بأن الدين المسيحي دين إرهاب وقتل..؟!
سيدي الرئيس: هل استلهمت بلدكم ( الفكرة الخمينية ) في تصدير الثورة- كما تقول بذلك تقارير سياسية غربية- فتم تحويلها عملياً من الجانب الشيعي في منطقتنا إلى الجانب السني، وأسند التنفيذ إلى لاعبين جدد في كل بلد على حدة، حتى يتم التفتيت من الداخل، والتغيير كما يريد الماسك بخيوط اللعبة في واشنطن، فظهرت جماعات إسلامية متطرفة؛ تكفيرية وجهادية ناقمة على الأوضاع في بلدانها، في ثوب ثوري تحت شعار زهري براق: ( الربيع العربي )..؟
إذا كان جوابكم بـ ( لا ) سيدي الرئيس؛ فكيف بهذه الجماعات- وهي إرهابية حسب تصنيفكم السابق- تلقى منكم الدعم والمساندة، أو غض الطرف عنها في أسوأ الأحوال..؟! سيدي الرئيس: هل من مصلحة بلدكم في منطقتنا؛ أن تتفجر الصراعات، وتختل التوازنات، ويتعرض أصدقاؤكم للتهديد بين وقت وآخر.؟ أم أن هذا هو وجه آخر من سياسة خلق عداوات ( أمنية ) لبلدكم..؟
سيدي الرئيس: إن المشكل المؤرق لنا ولكم في هذه المنطقة منذ سبعة عقود؛ هو المشكل الفلسطيني، وقد ارتضت بلادكم أن تكون راعية لحل هذا المشكل الكبير، بعد أن رضي أصحاب الحق والأرض من الفلسطينيين؛ التفاوض مع الإسرائيليين، وقيام دولة فلسطينية في أرض فلسطينية. لماذا هذا التردد في القيام بواجب الرعاية وحل هذا المشكل..؟ ألا تخشون من أن تتفجر مشاكل أخر أكبر منه نتيجة له..؟
سيدي الرئيس: بعد سنوات من وجودكم في أفغانستان والعراق، والإعلان عن الخروج، ألا يحق لكم أن تسألوا أنفسكم بشفافية: ماذا فعلتم بهذين البلدين..؟ وليس ماذا فعلتم لهما..!
سيدي الرئيس: إذا غُرست جماعات إرهابية في سورية، من قبل أطراف إقليمية ودولية لها مصلحة في تشويه الثورة السورية، والإبقاء على النظام الذي يقتل شعبه ويُهجِّره، فهل هذا مبرر كاف لكي تقف بلادكم ويقف معها حلفاؤها مكتوفي الأيدي، متفرجين على ما يجري من جرائم غير مسبوقة في تاريخ البشرية..؟
سيدي الرئيس: اليوم وقد زرت الرياض في ظل ثمانية عقود من الصداقة المتينة بين بلدكم وبلدنا، واستمعت كما قلت؛ إلى نصائح وأفكار مهمة وثمينة من خادم الحرمين الشريفين، عن الأوضاع السياسية والأمنية المتدهورة في منطقتنا العربية خاصة، فهل أنت جاد في تغيير مسار التعامل مع هذه القضايا في الأيام القادمة..؟
سيدي الرئيس: في بلادي؛ وفي بلاد العرب كافة مثل يقول: (إن البُغاث بأرضنا يستنسر)..! هل تعرف هذا المثل..؟ حسناً كأني بك تقول: نعم. سؤالي: هل الولايات المتحدة الأميركية ( الكبيرة )؛ مع البُغاث أم مع النسور..؟!