أحب أن أشبه دائما «الإعلان» بالبترول، نعم إنه بترول «الإعلام»، أهم المحركات القائمة الثقيلة والخفيفة التى تحرك حياتنا اليوم لا يمكن لها العمل دون نفط، كذلك الإعلام الناجح لايمكن له الاستمرار دون -نفطه- «الإعلان» هو محرك والموجه والطاقة ل «الإعلام».
أجدنا صناعة الإعلام إلى حد معقول كسعوديين، لكننا لم نغص بعد في الأهم، لم نصل إلى عمق الثروة الحقيقية والمحرك النفاث، الإعلان. طبعا لا إحصائيات دقيقة عن حجم السوق أو حجم العاملين فيه، هناك أرقام متفاوتة، لكن الأكيد أن حجم السعوديين العاملين في هذا القطاع لا يكاد يذكر، وهو أمر يمكن أن ندركه بالعين المجردة دون حسابات معقدة.
أما تقديرات إجمالي حجم سوق الإعلان في دول مجلس التعاون الخليجي فتصل إلى 8.4 مليار، و نصيب المملكة يصل 45 % من الكعكة.
المتابع أو المتصفح للنسخ الورقية من الصحف السعودية يجد انها تتصدر المشهد، ولها نصيب الأسد من إعلانات الصحف الورقية العربية اليوم دون منازع..
إلا أن الاعلان التلفزيوني يبقى المتسيد، من الضروري الإشارة إلى أن العامل الرئيسي الذي ساعد على هذه الاستمرارية هو الفعاليات الرياضية محلية وإقليمية وعالمية..!
والإعلان في المنطقة العربية يحتل المرتبة 12 في سوق الإعلان العالمي، وتدفعه أسواق المملكة بشكل خاص. لهذا الترتيب، وان كانت المملكة تحتل المرتبة الثانية عربيا بحجم سوق يصل إلى أكثر من 2 مليار دولار، بعد دولة الإمارات.
وذلك كون جميع وكالات الإعلان العالمية ممثلة بمكاتب إقليمية في الإمارات، خصوصا بعد إنشاء مدينة دبي للإعلام في العام 2000، ثم إنشاء المنطقة الحرة الإعلامية في أبوظبي حيث استطبت وكالات ومحطات تلفزيون ومؤسسات اعلامية عالمية واقليمية.
وبالتالي تطور حجم السوق الإعلاني في دولة الامارات إذ وصل إلى 2.02 مليار دولار العام الماضي 2013م.
الا ان عملية القياس هذه تحتاج إلى تجريد اكبر، باعتبار أن كم من وسائل الاعلام الفضائية والالكترونية والدورية تصدر أو تبث من هناك لصالح أسواق أخري، من أهمها السوق السعودي، حيث جزء كبير مستقطع أو مستهدف للجمهور والمستهلك المحلي- السعودي!
بروز وسائل الإعلام الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي ضاعفت السوق وقلبت جزءاً من المعادلة الإعلانية، فالشباب السعودي يمضي نحو خمس ساعات يومياً على «فيس بوك» وحده، ويتصدرون نشاط تويتر، فيما يسجلون أكثر من 90 مليون مشاهدة على اليوتيوب! ذلك زاد من حجم الإنفاق من قبل الشركات على هذه الوسائل الجديدة بالتزامن مع نمو الإنفاق في الوسائل السابقة. لكن تبقى قيمة سوق الإعلان الإلكترونى فى العالم العربى في سقف متوقع 1.5 مليار دولار عام 2013، وذلك وفقا لدراسة أعدتها أكاديمية للتسويق الإلكترونى بمصر.
نحن أمام صناعة ذكية وإبداعية معتبرة، لكننا في الوقت ذاته أمام ضعف هائل في التأهيل والنفاذ لهذه السوق من قبل الشباب السعوديين في الجوانب الإبداعية او التسويقية أو التنفيذية، ونظرة سريعة لهذه السوق سنكتشف معها أن الحضور السعودي ضعيف جدا ومخجل جدا..
لماذا..؟، لماذا السعوديون خارج صناعة الإعلان؟
هذا عنوان المقال التالي.. الثلاثاء القادم..