بهرز مدينة عراقية هادئة تقع في محافظة ديالي، شرق العاصمة بغداد وتتاخم المحافظة الحدود مع إيران، وتعرضت هذه المدينة الهادئة لجريمة بشعة راح ضحيتها أكثر من أربعين عراقياً، سُفكت دمائؤهم بلا ذنب، وعُلقت العديد من جثث الضحايا الأبرياء على أعمدة الإنارة. ارتكبت الجريمة الشنعاء من قبل مليشيات طائفية بحراسة من
قبل أفراد من جيش المالكي. لم يكن اختيار مدينة بهرز كمسرح للجريمة غير الإنسانية أمرا اعتباطيا، ولم يكن توقيتها أيضا كذلك. ولم يكن مصادفة أن يكون مسرح الجريمة محافظة سنية متاخمة لإيران، وبالتزامن مع الانتخابات البرلمانية. مُرسل الرسالة الحكومة الإيرانية ومنفذها المالكي عن طريق جيشه المكون من مليشيات طائفية. كانت الرسالة موجهة لكل قاطني محافظة ديالي من السنة وللمحافظات الأخرى بأن التطهير العرقي سيكون مصير كل من يجرؤ على معارضة حكومة المالكي. ومع كل ما حدث نجد في المالكي الجرأة كعادته في إلقاء اللوم على من يتحدث عن الحقائق التي يعرفها الجميع عن تفكيره الطائفي الضيق الذي خرب بلاد الرافدين وأشاع فيها الفوضى والدمار، ليظهر على شاشات التلفزيون قائلاً، بأن أخطر ما سماه بالحملات الإعلامية، هو اتهام الجيش بأنه طائفي.
اتهام المالكي بالطائفية ليس كلاماً مجرداً أو مرسلاً، بل هو حقائق كالشمس في رابعة النهار، وإرهاب المالكي وقمعه لمن يخالف أفكاره الطائفية، لم يخف الكثير من الساسة العراقيين في التصريح علناً عن أن سياسة المالكي الطائفية تقود العراق نحو الهاوية والتقسيم. فرئيس البرلمان العراقي السيد أسامه النجيفي رئيس البرلمان العراقي صرح بأن العرب السنة يتعرضون لاضطهاد طائفي. والسيد مقتدى الصدر رئيس التيار الصدري يصرح ليل نهار عن طائفية المالكي. والدكتور ظافر العاني رئيس كتلة متحدون العراقية صرح مؤخراً بأن العراق تقوده سلطة طائفية غاشمة تدعمها مليشيات. وقبل أيام تحدث السيد إياد علاوي رئيس القائمة العراقية بأن فوز تكتل المالكي البرلماني في الانتخابات سيكون كارثة على العراق. والأكراد في الشمال في خصومات مع المالكي ما أن تحل إحداها حتى تبرز أخرى. وفي المحصلة النهائية فإن كل القوى السياسية في العراق متحدة بأن سياسة المالكي الطائفية تقود العراق إلى المزيد من الخراب والدمار.
خلال فترة المالكي في رئاسة الوزراء العراقية لم ينجح في ملف من الملفات التي تهم المواطن العراقي سواء كان ذلك فيما يخص الشأن الأمني أو الاقتصادي أو الاجتماعي. وأضحى المواطن العراقي يكابد شظف العيش، إضافة للرعب اليومي المتعلق بالانهيار الأمني. نجح المالكي في شيء واحد خلال ترؤسه للحكومة العراقية وهو اللعب على اختلافات القوى السياسية المؤثرة في العراق من أجل تمزيقها وتشتيتها. وكانت ورقة الطائفية هي ورقته الرابحة التي يحاول بها العودة لرئاسة الوزراء لفترة ثالثة، التي ستكون ضربة قاضية لحلم العراقيين للخلاص من سياسات المالكي التي قوضت أمن البلاد ورخاء العباد.
وإضافة لورقة الطائفية، يلعب المالكي هذه الأيام وبسبب قرب الانتخابات ورقة أخرى، هي لوم الغير بسبب فشله الذريع في إدارة شئون العراق، فأضحى يهذي بأن المملكة سبب في مشاكل العراق، وذهب به هذيانه بتصريحه لقناة المنار، بوق نظام طهران في لبنان، بأن العراق في حالة حرب مع المملكة، حرب وصفها بأنها بدون جيوش. هذيان في هذيان، يعجز اللسان عن توصيفه، ولكنه حلم السلطة الذي بدأ يحس أنه قد يفقده فأضحى لا يفقه عما يصرح به، تصريحات لا عقل أو منطق لها. والغريب بأن تجد مقولات المالكي في حديثه لقناة المنار من يروج لها في قناة الجزيرة الفضائية القطرية، التي نقلت تصريحات المالكي على قناتها، وكأنه طاب لها ما أورده في اللقاء، خصوصاً بأن المملكة تحاول أن تغتنم الفرصة لقيادة العالم العربي. وفات على المالكي وفات على قناة الجزيرة بأن المملكة لم تسع قط نحو ما اتهمها به المالكي في ذروة هذيانه وبادرت قناة الجزيرة بنقله، وبأن الزعامة لا تأتي من خلال هذيان في مقابلة تلفزيونية، أو من خلال قناة إخبارية فضائية!!!