معاناة المرأة في التعريف بنفسها في المحاكم وفي بعض الأجهزة الحكومية الأخرى هي جزء من معاناتها في أمورٍ حياتية كثيرة.. ومن المؤسف أن هذه المعاناة غير ضرورية وليس لها ما يُوجبها على الإطلاق في زمن التقنية الحديثة والكمبيوتر وتطبيقات المنتجات العلمية الكثيرة التي سهَّلتْ الحياة في جميع المجالات وفي كل المجتمعات بما في ذلك المجتمعات المحافظة جداً.
وقد دشًّن وزير العدل الدكتور محمد العيسى يوم الأحد الماضي نظام البصمة في المحكمة العامة بالرياض، مما سيتيح للنساء إنهاء معاملاتهن دون الحاجة إلى ابتزاز المُعَرِّف الذي يكون في بعض الأحيان هو خصم المرأة وهو عدوها اللدود حتى وإن حمل مسمى «ولي أمر»!
لقد استطاعت التقنية أن تحل مشكلة عويصة مزمنة بمنتهى البساطة! فعندما توفرت الرغبة في تذليل مشكلة التعريف بالمرأة اكتشفنا أن التقنية يمكن أن تتولى التفاصيل!.. وما ينطبق على مشكلة التعريف ينطبق على مشاكل أخرى كثيرة.
وقد جاء في الأخبار أن نظام البصمة الذي دشَّنه الوزير في المحكمة العامة بالرياض سيتم تفعيله بشكل متدرج في أكثر من أربعمائة محكمة وكتابة عدل في مختلف مناطق المملكة.
هذا النظام سيحد كثيراً من انتحال الشخصية الذي تتعرض له المرأة.. فالمرأة كثيراً ما تكتشف متأخرةً أن حقوقها قد نُهبت من قِبَل «أولياء أمورها» الذين زوّروا شخصيتها، وذلك عن طريق اختراق الإجراءات والأنظمة المعمول بها والتي يسهل اختراقها بكل يسر.. فأي امرأة محجبة يمكن أن تنتحل شخصية امرأة محجبة أخرى في غياب وسائل الإثبات الدامغة مثل البصمة.. وعندما تكتشف المرأة الخديعة يكون الوقت قد تأخر كثيراً، أو أنها ستخسر كل شيء وكل ما تبقى حتى من علاقاتها الاجتماعية وسمعتها لو دخلت في مواجهة مع «أولياء أمورها» الذين سيجدون من يتعاطف معهم مهما كانوا على باطل طالما أن الخصم هو «امرأة» تحت «ولايتهم».
هذه الخطوة المتقدمة التي خطتها وزارة العدل هي خطوة إيجابية ستستفيد المرأة منها كثيراً، ولكن إلى أن يتم تعميم نظام البصمة على جميع المحاكم وكتابات العدل في جميع مناطق المملكة سوف تظل الفائدة مقصورة على النساء اللاتي يتعاملن مع المحكمة العامة في الرياض.. والمأمول هو أن يتحقق ذلك في أسرع وقت لكي تعم الفائدة ويتم تجنيب كل المظلومات تسلُّط «أولياء الأمور».