عندما يغيب صاحب قلم من جيل الإصرار نذر نفسه ووقته لخدمة ثقافتنا وتراثنا أحسّ بالألم لأن أمثال هؤلاء لا يعوّضون.
رحل في الأيام الماضية أحد هؤلاء الأدباء الأديب أ.أحمد بن عبد الله الدامغ -رحمه الله- لقد عاش للكلمة والبحث والشعر والتراث معتكفًا بمحرابها مخلصًا لها..
نعم كان متفانيًا بجلاء جواهر تراثنا بأبحاث متميزة ((كالأدب المثمن)) بأجزائه وغيره.
لقد عرفت هذا الأديب جلدًا على البحث دمث الأخلاق متواضعًا بعيدًا عن الفوقية كما وصفه أ.سلمان القباع.
لقد كنت أسعد بزيارته لي بـ((المجلة العربيَّة)) وأفيد منه واستمتع بحديثه.
لقد كان يمتلئ بالفرح وهو يذكر لي عن بحوثه وكتبه التي يشتغل عليها، وقد ذكر لي بحثًا عن الغنى والفقر بتراثنا ورجوته أن يسارع في نشره لتميزه وجدّته، وفعلاً لم تمض مدة قصيرة حتَّى أصدر كتابه اللطيف ((الغنى والفقر بالشعر والنثر)) الذي رصد فيه وحلّل وعلّق على ما ورد بتراثنا عن هاتين المفردتين بل أهم ((مفردتين)) تشغل الثري بقصره كما تشاغل الفقير في كدّه وقد أكرمني بإهداء الكتاب لي ليس بإهداء شخصي وإنما طبع على الكتاب أن الكتاب مهدى لي، وقد قدم له معالي الأديب د.عبد العزيز الخويطر بمقدمة جميلة، وقد حصلت على نسخ منه وأهديته لعدد من الأحبة المتذوقين للكلمة سواء من كان من أهل الثراء أو من أصحاب الكراء.
لقد كان الأديب الدامغ -عليه رحمة الله- رغم تراثيته إلا أنّه كان متفتح العقل تنويري الرؤى وفق ثوابت دينية.
لقد كان حفيًا بالمرأة أدبيًّا واجتماعيًا، ولعلكم قرأتم مؤخرًا تلك المقالة الوفائية التي كتبتها الكاتبة أ.رقية الهويريني ورأيتم عندما دعاها وهو بمثابة والدها إلى مكتبته لتطلَّع عليها وعلى أبحاثه المنشورة وغير المنشورة وكيف استجابت لهذه الدعوة من هذا الأديب والتقت به وبأسرته وأحفاده في لقاء ثقافي جمع بين الأجيال وأطياف الثقافات.
رحم الله الأديب أحمد الدامغ وجزاه خير الجزاء كِفاء ما أعطى وألّف من بحوث وكتب قيّمة تقارب ستين كتابًا.
لقد عاش حياته -رحمه الله- بصمت مؤثرًا العطاء على الضجيج والإبداع الفكري على الانتفاع المادي.
استشرف - كما دعوت بمداخلة لي بالثقافية ببرنامج عنه - أن يتصدى أبناؤه الكرام وبناته الفاضلات إلى جمع وطبع ما لم يتم نشره من بحوثه وكتبه، فهي تمثِّل إضافة لمكتبتنا السعوديَّة والعربيَّة -رحمه الله-.