صار أمرُ الجامعات الوهمية وما تمنحه من شهادات معروفاً فهي الآن أصبحت حديث المجتمع، ولكن ما يجب التأكيد عليه هو أنه حتى الجامعات التي قد لا تكون وهمية بالمعنى الحرفي ربما تكون ضعيفة ولا ترقى إلى المستوى العلمي المطلوب. هناك، على سبيل المثال، جامعات في الولايات المتحدة ذات عناوين معروفة وحرم جامعي يعج بالطلاب والأساتذة تمنح شهادات غير وهمية لكنها جامعات ضعيفة لا تقدم الحد الأدنى من التعليم والممارسة الأكاديمية.
سوق التعليم الجامعي في كثير من البلدان يخضع أحياناً لمبدأ العرض والطلب. فمثلما أن هناك جامعات قوية «تعرض» بضاعة تعليمية ذات مستوى راق تلبي «الطلب» الذي يبحث عن هذا النوع من التعليم هناك جامعات أخرى ضعيفة «تعرض» بضاعة تعليمية هشة لمن «يطلب» تلك البضاعة. وبين الضعيف والقوي توجد جامعات ذات مستويات متباينة. كل ذلك خارج نطاق ما يسمى بـ»الجامعات الوهمية» التي هي خارج حديثنا لأنها -ببساطة- ليست جامعات وإنما هي مجرد عناوين لمكاتب تجارية تمارس النصب والاحتيال ولكنها تعمل أيضاً بمنطق العرض والطلب مثل أي بضاعة مغشوشة أو ممنوعة.
ولهذا، يظل هناك خوفٌ من أن يقع طلابنا المبتعثون تحت إغراء التسجيل في جامعات ضعيفة لأنها سهلة، وإن لم تكن وهمية، في حين أن الفكرة من برنامج الابتعاث الوطني هي التزود بالعلم الحديث النافع من أرقى الجامعات العالمية وليس فقط الحصول على شهادات.
مؤخراً، صرح مسؤول في وزارة التعليم العالي لصحيفة الحياة أن الوزارة أوقفت اعتماد شهادات 35 جامعة أمريكية وخمس جامعات عربية، وهي -فيما يبدو- ليست من الجامعات الوهمية ولكنها جامعات ضعيفة. وهذا الإجراء الجيد سيحمي طلابنا ويحمي المجتمع، لكني أتمنى ألاَّ يكون متأخراً وألاَّ يكون بعض طلابنا قد تخرجوا من هذه الجامعات خلال الفترة التي انحدرت مستوياتها إن كانت ذات مستوى مقبول في السابق.
وكنت أتمنى، أيضاً، لو أن أسماء هذه الجامعات معلنة ومعروفة للعموم، وخاصة أسماء الجامعات العربية التي ربما أنها ليست بعيدة عنا جغرافياً وتنصب فخاخها لفئة من المواطنين السعوديين الذين يريدون إكمال تعليمهم ولكنهم لا يعلمون شيئاً عن اعتماديتها.
الشهادات «المضروبة» أو الضعيفة تقلل من العائد الوطني المتحقق من الاستثمار في رأس المال البشري، ومن حق المجتمع أن يتطلع إلى الحماية من الجهة المسؤولة وهي وزارة التعليم العالي.