لا يشك أحدٌ في كفاءة أرامكو في إنجاز أعمالها أو الأعمال التي توكل إليها من الدولة. وحتى الذين ينتقدون بعض الجوانب المتعلقة بأرامكو وخاصة في بدايات تأسيسها لا ينكرون تميزها الإداري عبر تاريخها الطويل.
وليس هذا بمستغرب، فأرامكو تستند إلى خلفية إدارية موروثة من الخبرة العالمية التي وفرتها الشركات الأجنبية الكبرى التي أسست أرامكو، وهي لا تعاني من الأنظمة البيروقراطية الحكومية الإدارية والمالية، ومن ثم فهي قادرة على الإبداع والتحليق دون معوقات.
كما أن أرامكو ساهمت في تكوين خبرات محلية من خلال توظيف المواطنين وتدريبهم وابتعاثهم للدراسة في الخارج، وتشجيع عدد كبير من المواطنين على تأسيس منشآت تتعامل معها أرامكو لتنفيذ بعض أعمالها الوسيطة مما أدى إلى قيام بيوتات تجارية كبرى شكَّلت الأساس لقيام قطاع خاص يسهم في تكوين القيمة المضافة داخل الاقتصاد الوطني.
يضاف إلى ذلك، ما أسهمت به أرامكو على الصعيد الاجتماعي والثقافي والتعليمي من خلال بناء المدارس والمستشفيات ومحطة للتلفزيون والسينما وإنشاء مجلة «قافلة الزيت» العريقة التي كانت تستكتب عمالقة الأدب والثقافة في العالم العربي مثل عباس محمود العقاد وأحمد أمين وسلامة موسى ومحمود تيمور وغيرهم مما أوجد لتلك المجلة حضوراً لافتاً على الساحة الثقافية في العالم العربي لعقود طويلة قبل خفوت صوتها في السنوات الأخيرة وتحولها من مجلة شهرية لامعة إلى مطبوعة منوعة تصدر مرة واحدة كل شهرين باسم «القافلة».
ومن المعروف أن الدولة تسند المشروعات التي يُخشى تعثر تنفيذها إلى أرامكو بالرغم من كونها خارج اختصاص هذه الشركة التي هي في الأساس شركة لأعمال النفط بمراحله المختلفة.
ومن ذلك جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وتنفيذ أعمال البنية التحتية للمدينة الاقتصادية في جازان ورعاية إنشاء ملعب الملك عبدالله الدولي بجدة (الجوهرة المشعة) وغير ذلك من الأعمال التي نفذتها أرامكو بتكليف من المقام السامي.
كل ذلك يسجل لأرامكو، ولا نستغرب أن تقوم به. لكن الموضوع الذي كثيراً ما يُطرح للتساؤل هو تضاؤل دور أرامكو في الوقت الحاضر عما كان عليه في مجال المسؤولية الاجتماعية بعيداً عن تنفيذ الأعمال التي يكلف المقام السامي الشركة بها.
هناك تساؤل عن غياب أو ضآلة دور أرامكو في الأعمال الاجتماعية والثقافية في مناطق المملكة.
ومؤخراً ذكرت صحيفة سبق الإليكترونية أن المعيار الدولي للمسؤولية الاجتماعية ISO 26000 قد استبعد شركة أرامكو من التصنيف في حين أبقى على خمس شركات سعودية من بين 500 شركة عالمية أثبتت تقاريرها استدامة المسؤولية الاجتماعية.
لقد كانت أرامكو سباقة في مجال المسؤولية الاجتماعية قبل أن ينتشر هذا المفهوم في قطاع الأعمال مثلما هو عليه اليوم.
وأياً كانت المبررات أو طرق التقييم التي يعتمد عليها المعيار الدولي فإن من المؤسف أن تأتي أرامكو خارج التصنيف.
ولعل المأمول من هذه الشركة التي هي أكبر شركة بترول متكاملة في العالم أن يكون لها إسهامٌ أكبر في مجال المسؤولية الاجتماعية وان يشمل هذا الإسهام جميع مناطق المملكة.