مثلما كانت انتخابات المغتربين المصريين تؤشر إلى قناعة المصريين بالتغير الإيجابي اندفع المصريون بالملايين إلى صناديق الانتخابات كدليل عملي على شحنات الأمل بواقع جديد يجسده انتخاب رئيس جديد يتوافق وإلى حد كبير مع رغبات المصريين.
في السابق كان المصريون يؤدون الاستحقاق الانتخابي (دون نفس)، فكانت الانتخابات عبارة عن استفتاء يثبت الرئيس الموجود أصلاً، لا يغادر منصبه إلا بالموت أو القتل أو العزل الجماهيري، هكذا كانت الانتخابات في عهود عبدالناصر والسادات ومبارك، وحتى انتخابات مرسي وشفيق كان المصريون يجبرون على المفاضلة ما بين السيئ والأسوأ.
انتخابات اليوم قلبت الوضع؛ إذ سيفاضل المصريون بين الحسن والأحسن، فكلا المرشحين لانتخابات الرئاسة يتميز بسجل حافل من العمل الوطني، فالمشير عبدالفتاح السيسي صاحب النصيب الأوفر للفوز بالرئاسة هو من أنقذ المصريين من المصير السيئ الذي كان الإخوان يقودون مصر إليه، أما حمدين صباحي فهو المناضل الذي يعمل من أجل تحسين وضع المصريين وله جهود مشهودة في هذا المجال.
صورة تظهر الوجه الإيجابي للتغير في مصر، فأي منهم يفوز سيحقق رغبة المصريين في التغيير الإيجابي الذي حتماً سيكون أفضل من عهد الإخوان الذين كان عهدهم إقصائياً، أشغل المصريين عن واجبهم الأساسي في انتشال البلد من وضعه الاقتصادي المتردي، وأدخلها في محاولات التمكين والسيطرة على مفاصل الدولة من قبل الإخوان، ومقاومة القوى التقليدية للنظام السابق، وهو ما ضيع على المصريين زمناً كان مفروضاً أن يستغل للنهوض بالبلاد وبدلاً من ذلك أخرها سنين.
رغبة المصريين في التغيير والتأييد لخارطة المستقبل تقاس بدرجة ومستوى الإقبال على الانتخابات، وإن كان المأمول أن تتجاوز نسبة الإقبال النسبة السابقة التي حصلت في الانتخابات التي أوصلت محمد مرسي على حساب أحمد شفيق، والتي وصلت إلى 46.3% وهي نسبة يتوقع المتابعون للانتخابات أن تتجاوزها الآن رغم دعوات الإخوان المسلمين والسائرين في ركبهم، إذ أعلن حزب مصر القوية (الذي يرأسه الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح) وجماعة 6 أبريل (المشبوهة بارتباطاتها الخارجية) بمقاطعة الانتخابات، إلا أن الأزهر ومنظمات المجتمع المدني، والأهم من ذلك الإقبال الشعبي، سيبطل هذه الدعوات، وهو ما كشفته الساعات الأولى من انتخابات اليوم الأول الذي شهد إقبالاً كبيراً فاق ما شهدته الانتخابات السابقة.
ويتوقع المتابعون لهذه الانتخابات أن النسبة ستزيد عن سابقتها، وهذا سيحمل الرئيس الفائز مسؤولية ترجمة طموحات وآمال من انتخبه.
وأي كان الفائز، فإن دعوات المصالحة لإعادة اللحمة للشعب المصري تجد صدى وتجاوباً كبيراً، خاصة لاستعادة الشباب الذين أهملوا في السنوات الثلاث التي أعقبت ثورة 25 يناير، وهم الذين فجروها، ولهذا فإن دعوات استيعابهم والاستفادة من طاقاتهم وتوظيفها لخدمة برامج التنمية بدلاً من أن تترك لاختطافها من قبل أعداء التغير ومصر، أما الإخوان فيجب التفريق بين من اتجه للعنف والإرهاب والذين تلطخت أيديهم بالدماء، وبين الذين لا يزالون يعتمدون العمل السياسي، وإن أصبحوا قلة، فهم كانوا ولا يزالون مصريين يجب ألا يتركوا للاندفاع للعمل تحت الأرض للإضرار بالوطن.