بعض الجهات الرسمية وغير الرسمية في بلادنا تصدر قرارات يتضح أنها غير مدروسة بشكل كاف، أو تم إصدارها من خلال النظر للمشكلة من زاوية واحدة، الكثير من القرارات عندما تحاول سبر أغوارها تجد أنها قرارات الفرد الواحد لا قرارات المجموعة، وهذا يكشف سلطة المدير على بقية العاملين معه،
يكشف أيضاً المسافة الكبيرة بين فكر الشخص كفرد وبين فكر الفرد نفسه داخل المجموعة، التفاؤل المفرط أو التشاؤم المفرط يقفان خلف الكثير من قراراتنا غير الناجحة، قد لا تعرف بعض الجهات أنّ قراراتها تتماس وتتقاطع مع جهات أخرى، أكبر مثال على ذلك ما سأذكره لكم، فقد أحضرت خبرين صحفيين أتيا خلف بعضهما، يدلان دلالة واضحة على جميع ما ذكرته لكم، يقول الخبر الأول: إعادة السجين إلى عمله بتزكية السجن وموافقة أمير المنطقة، ويقول الخبر الثاني خلفه مباشرة: سرقة 1133 سيارة في شهر ... 26% عادت لأصحابها، تخيّلوا حجم السرقة وفداحة أثرها، 1133 سيارة تُسرق شهرياً، هذا غير جرائم السطو والاحتيال، وهناك من يطالب بإعادة السجين بعد انقضاء محكوميته إلى عمله، فقط بعد تزكية السجن وموافقة أمير المنطقة، أما جهة العمل وهي الجهة المتورطة بعودة سجين إلى عمله فهي الجهة المتضررة، ورغم ذلك فلا صوت لها وستقبل رغماً عنها. إنّ من أهم الأسباب الرادعة للجريمة هو خوف من يفكر بالسرقة أو فعل جريمة بفقد وظيفته ومصدر رزقه، بينما هذا القرار يحمل في طياته دعوة غير مقصودة للموظفين بأن يرتكبوا جرائمهم دون الخوف من فقد وظائفهم. أكثر ما نعانيه في بلادنا الغالية هو عدم تشديد العقوبات والحزم في تنفيذها، بل إنني أراهن أنّ رجال الأمن في السعودية قد ارتاحوا وانخفضت لديهم جرائم السرقة، عندما شدّدوا على تطبيق حد السرقة، إنّ إدارة السجون من مصلحتها أن يقل عدد النزلاء لديها حتى يخف ضغط العمل، ولكن ليس على حساب الأمن الاجتماعي، وعلى إدارة السجون إنْ كانت تجد أنّ عودة السجين للعمل أمر لا بد منه، أن تتولى إنشاء مصانع ومؤسسات لعمل السجناء بها تحت إدارة السجون، ويكون ربحها وملكيتها لإدارة السجون، إعادة السجين للعمل وإعفاء المحكوم من السابقة أمران خطيران لا يجب التسرع بهما قبل دراستهما من جميع الجوانب، أبسط سلبية ستواجهونها، لو قمتم بإلغاء سابقة على مجرم وبعد زواجه اكتشاف أهل الزوجة عن طريق الصدفة أنه مجرم سابق؟ هل ستسجنون الأهل إن طالبوا بطلاق ابنتهم من مجرم سابق؟! أم ستشهدون في المحكمة زوراً أنّ المجرم السابق لم يكن مجرماً؟!