أكد لـ«الجزيرة» عدد من المتخصصين أن عزوف الكثير من المهندسين عن العمل في القطاع الحكومي واتجاههم إلى مؤسسات القطاع الخاص يعود إلى غياب المحفز المادي والمهني، الأمر الذي تسبب في نقص أعدادهم في القطاع الحكومي.
وقال رئيس هيئة المهندسين السعوديين المهندس حمد الشقاوي أن أهم سبب في تسرب المهندسين من العمل بالقطاع الحكومي هو غياب المحفز المادي ولاسيما في الفترة الحالية التي تشهد المملكة فيها طفرة في المشاريع التنموية، إضافة إلى عدم وجود كادر هندسي يحقق العدل والمساواة مع أشقائهم المهندسين الذين يعملون في القطاعات والمؤسسات الخاصة وشبه الحكومية، بالإضافة إلى التأهيل والتدريب والتطوير، إذن لدينا شقان شق مالي وشق مهني فانعدام هذين الأمرين في القطاعات الحكومية هو أكبر سبب في عزوف وتسرب المهندسين. وأشار الشقاوي إلى أن وزارة الخدمة المدنية لديها وظائف كثيرة للمهندسين ولكن المهندسين عازفون عنها لأنه لا يمكن للمهندس الذي يتخرج حديثاً ويكون راتبه 7 الآف ريال بينما هناك مهندسون يتخرجون ويتجهون للقطاع الخاص وتكون رواتبهم بين 10 و 12 الف ريال كراتب أساسي خلاف بدل السكن والتأمين الطبي بالإضافة إلى المسارات التدريبية المدفوعة وتتكفل الشركة بدفع تكلفة قيمة الدورات التدريبية ليصل راتبه من 16 إلى 17 الف ريال. وقال الشقاوي: إن تسرب الكوادر الهندسية من القطاع العام سينعكس على جودة تنفيذ المشاريع الحكومية وحسن إدارتها وتشغيلها. وأضاف: نحن لا نلوم المهندس السعودي إذا عزف عن القطاع الحكومي ولكن لو قدرمادياً ومهنياً اعتقد بأنه سيصبح من ذوي الخبرة الذين يشار لهم بالبنان. وتابع :نحن الآن نتكلم عن مشاريع تفوق 30 الف مشروع قائمة، وكما هو معروف في أي قطاع بأن المشاريع يكون لها ممثل للمالك فالدورة العامة للمشاريع منذ بدء الفكرة إلى أن تطرح وتنفذ لابد من أن يكون هناك جهازكامل غير الجهاز الإشرافي ويجب هنا ألا نخلط بين الأمور فالجهاز الإشرافي يختلف تماماً عن ممثل المالك، وبعض المشاريع تحتاج إلى جهاز قوامه عدد من المهندسين، بحسب آخر تصريح لوزارة الخدمة المدنية فإن لدى الدولة5,5 66 مهندس ولدينا عشرات الآلاف من المشاريع فكيف لهولاء أن يديروهذه المشاريع وهم ممثلون للمالك ويراعون الجودة وأشار إلى أن وزارة الخدمة تشتكي ومن لديهم مشاريع يشتكون من قلة المهندسين وتسربهم وعزوفهم عن العمل بسبب المحفز المالي والمهني.
وعن الحلول التي تحد من تسرب المهندسين من القطاع الحكومي قال: الالتفات لهم ومساواتهم بغيرهم فعلى سبيل المثال كان قبل 15سنة لدينا مشكلة ندرة الأطباء وعملت الدولة على إيجاد الكادر الطبي والتشغيل الذاتي فأصبح راتب الدكتور الاستشاري لايقل عن 50 الف ريال فعند بداية تخرجه كان يصل راتبه إلى 35 الف ريال فأصبح لدينا كوادر طبية نفخر بها وصلت للعالمية وهذا الأمر لا يستطيع احد إنكاره ووصل الامر لدينا للكوادر الطبية- ولله الحمد- شيء مشرف لأنه تم تقديرهم مادياً ومهنياً حتى مستواهم المهني بدأ يتطور، فنجد الطبيب عندما يتخرج يبدأ البحث لتكميل تعليمه وأخذ الزمالة ويعمل جهده إلى أن يتطور مستواه المهني وهذا ماندعو له عندما ندعو إلى إيجاد بدائل هذا ليس ارتباطا ماديا فقط بل ارتباط مهني. وأشار رئيس هيئة المهندسين السعوديين إلى أن عدد الخريجين من المهندسين العام الماضي بلغ 2800 مهندس وهذا أمر مخيف نحن اليوم في الهيئة السعودية للمهندسين إلى الأسبوع الماضي تم تسجيل 175 الف مهندس يعملون في المملكة ومنتسبون للهيئة السعودية للمهندسين يشكل المهندسون السعوديون منهم 11 الفا بينما 164 ألفا غير سعوديين، فهناك فجوة كبيرة جداً ولابد أن يكون لدينا اكتفاء ذاتي على الأقل يكون هناك 50%، مبينا أن نسبة المهندس السعودي للمهندس الأجنبي حسب النسبة 85% أجنبي و15%سعودي. وأضاف: أتمنى إذا كان هناك اشكالية في إيجاد كادر مهني للمهندسين على الأقل في الفترة الحالية أن يتم اقراركادر للمهندسين وإيجاد بدائل، وأهم بديل إيجاد بدلات كبدل قلة وندرة لايقل عن 50%وكذلك بدل طبيعة العمل 70%كما هو الحال عندما اعتمدت الدولة بدلات لأساتذة الجامعات حوالي 120% لماذا لا يعاملون بالمثل ويكون حل آني على الأقل يكون حلا سريعا.
من جانبه قال المهندس خالد الجمعان الذي كان يعمل في القطاع الحكومي واتجه بعد ذلك إلى العمل في القطاع الخاص أن غياب الحوافز والامتيازات بالإضافة إلى قلة الرواتب ساهم بشكل كبير في تسرب المهندسين السعوديين من القطاع الحكومي. وأضاف: ابدأ بنفسك واصنع دافعك للتقدم نحو الأفضل هذه الكلمات رددتها حين أحبطت في وظيفتي كمهندس معماري في القطاع الحكومي، ووجدت التناقض أحد أهم الأسباب رغم صلاح النية لتقديم الافضل، وهذا لا شك فيه. حينما نبدأ مشروع هذا يعني اننا نقوم بنسخ و لصق فقط دون مواجهة التحديات والصعوبات، إلى جانب انعدام الإدارة بالقيادة والعمل كفريق واحد لخلق التحفيز والتحدي والمنافسة وسبب ذلك المركزية في الصلاحيات واتخاذ القرار, ومن الاسباب كذلك التطوير الفني والإداري موجود لكن الفاعلية في الواقع غير موجودة إلا في حالات نادرة, وكذلك الجانب المادي لا يقل أهمية كجزء من التحفيز الذي يكاد يكون مهملا ابتداء من زرع التحفيز الذاتي في الموظف الى دورة القائد الذكي وغيرها من الاسباب الكثيرة واختصرها بكلمة لا طالما كررتها على نفسي في تلك الفترة: اصرف على المهندس كصرفك على المشاريع تجد الثمرة صناعة مهندسين قادة للتنمية العمرانية ببصمة سعودية. وطالب الجمعان بضرورة إيجاد الحلول السريعة، مبيناً بأن أغلب المهندسين بحاجة الى احتواء واهتمام كبير والعمل بروح الفريق الواحد لخلق التنافس وإيجاد بيئة عمل جاذبة في القطاع الحكومي. فيما قال عضو مجلس إدارة غرفة الرياض المهندس بندر الحميضي أن من أسباب العزوف ضعف الكادر الوظيفي للمهندسين والعروض المغرية من القطاع الخاص وبالذات للمهندسين الذين سبق وأسندت لهم مشاريع ضخمة بالإضافة إلى الممارسة العملية للمهنة والخبرات المكتسبة من القطاع الخاص. وأشار الحميضي إلى من الحلول للحد من التسرب، تكثيف الدورات التدريبية للمهندسين بالقطاع الحكومي وتأهيلهم عبر إدراجهم في عقود الاستشاريين للعمل على نقل الخبرات الفنية للكوادر الوطنية و تطوير مهاراتهم النظرية والعملية وتنميتها بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل.